المراد بالسجود في هذه القصة السقوط على الوجوه لما عاينه السحرة من عظيم قدرة الله، وصدق نبوة موسى عليه السلام والتعبير بالإلقاء في الآيات الثلاث يفيد أنهم خروا لله تعالى متطارحين على الأرض مذعنين لله بالطاعة، وهو صريح في صفة سجودهم (1) ، وتساءل الزمخشري (ت538هـ) عن فاعل الإلقاء لو صرح به، فأجاب: ((هو الله عز وجل بما خولهم من التوفيق أو إيمانهم أو ما عينوا من المعجزة الباهرة، ولك أن لا تقدّر فاعلا، لأن ألقوا بمعنى خروا وسقطوا)) (2) وتعقّبه أبو حيان (ت754هـ) في القول الأخير فقال: ((… أما أنه لا يُقدّر فاعل فقول ذاهب عن الصواب)) (3) .

وأما من حمل السجود على الخضوع اللغوي دون خرور الوجوه فهو مخالف لظاهر الآيات وليس له قرينة تدل عليه، فلا يُعّول عليه (4) .

وأغرب من ذلك من جوّز أن يكون السجود دلالة على تغلب موسى على السحرة فسجدوا تعظيما له، وأشد غرابة منه تجويز أن يريدوا به تعظيم فرعون حيث جعلوا السجود مقدمة لقولهم {آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى} حذرا من بطشه (5) ، وينبغي أن ينزه كلام الله تعالى عن مثل هذه الأقوال الأجنبية.

سابعاً- أمر بني اسرائيل بأن يدخلوا القرية سجدا:

قال الله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ} (البقرة/58) .

وقال الله تعالى: {وَقُلْنَا لَهُمْ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} (النساء/154) .

وقال الله تعالى: {وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} (الأعراف/161) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015