فإن مما يثير التساؤل ورود صيغ الركوع والسجود في القرآن الكريم لمعان متعددة، واختلاف المفسرين رحمهم الله في تأويلها كذلك، فما معنى قوله تعالى لبني إسرائيل: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} (البقرة /58) ؟ وهل المقصود في قوله تعالى في شأن داود عليه السلام {وَخَرَّ رَاكِعًا} (ص/24) الركوع الشرعي؟ وهل عفّر أبوي يوسف وأخوته وجوههم على الأرض سجدا ليوسف؟ وما كيفية سجود النجم والشجر وغيرهما؟ وهل هو حقيقة أو مجاز؟ كل ذلك يستدعي البحث والتدبر، مع ما للركوع والسجود من تاريخ عريق على اختلاف هيئاتها باختلاف الزمان وتعدد الأديان، ولا جرم أن أحدهما (1) كان أول تحية تلقاها البشر عند خلق العالم (2) ، وهما من أهم أركان الصلاة وأدلهما على العبودية لله رب العالمين.
تعريف الركوع والسجود:
معاني الركوع والسجود تدور على ثلاثة محاور، وهي:
المعاني اللغوية.
المعاني الشرعية.
المعاني المجازية.
المعنى اللغوي:
الركوع: يكون في القلب بالخضوع، وفي الجسد بالانحناء وطأطأة الرأس (3) .
والسجود: يشترك مع الركوع في معنييه، ويَفْضُلُ عليه بأنه يختص بوضع الجبهة على الأرض، ولا خضوع أعظم منه (4) والساجد أشد انحناء من الراكع (5) .