الصَّغير) : " وكأنه ترَكَهما من النَّظم هضما لنفسه بأنَّ تأليفه هذا ليس من الأمور ذوات البال، وهذا حُسْنُ تواضعٍ من دأب الرَّجال " انتهى.
قال المعترض ما نصَّه: " والأنسب في التعبير أن يقول: وكأنه ترَكَهما من النَّظم إشارة إلى عدم تعيُّن رسمهما؛ لأنَّ قول النَّبيّ (" لا يُبْدأُ فيه بِبسم الله 000 إلخ " أعمّ من أن يكون لفظا وخطَّا أو خطَّا لا لفظا أو لفظا لا خطَّا، لأنَّ حذف المعمول يُؤذن بالعموم، وإن كان الثواب المترتّب على لفظهما مع كتابتهما أكثرَ من الثّواب المترتّب على فعل أحدهما فقط؛ فأمَّا ما ذكره من "الهضْميّة " [1/ب] فلا ينهض عِلَّةً للترك، اللهم إلاَّ أن يكون بمعونة أنه ليس ممَّن يؤدي الحمد على ما ينبغي، لكنه لا يظهر في جانب البسملة لمن تأمّل " انتهى كلامه.
وأقول: إنما الَّذي لا ينهض علّةً ما ذكره هو من الإشارة؛ إذ حيث كان الابتداء الرَّسمي داخلا في الحديث وإن لم يكن على سبيل التعيّن، وكان جمعه مع اللَّفظيّ أكثر ثوابا وجرت عادة المؤلّفين به قديما وحديثا، فلا ينبغي تركه لمثل هذه الإشارة إلى ما هو معلوم من خارج ممَّا لا ثواب فيه، بخلاف ما ذكرناه من التواضع ففيه ثوابٌ أعظم من ثواب الجمع لا ريب، فساغ العدول عن الجمع إليه ونهض الهضْم علة للترك؛ وقوله: من " الهضْمية " صوابه من " الهضْم " إذ الهضمية الحال المتعلقة بالهضم أعني: الكون هضما، كما أنَّ " العالميّة " الحال المتعلقة ب " العالم " أعني: الكون عالما، ونحن لم نجعل العلَّة الكون هضما بل نفس الهضم، فإن أجاب بتجوّزٍ أو تقدير قلنا: لا حاجة لما يحوج لذلك مع أنه خلاف الاختصار.