ولد سنة 1154 هـ في شهر ذي الحجّة ب" سَنْبو " بلد من قسم منفلوط بمديريّة أسيوط، وأصله من المغرب نزل أجداده بمصر، ثُمّ ارتحلوا إلي ناحية سنبو وقطنوا بها حيث ولد المترجم له، ثُمّ ارتحل مع والديه إلي مصر وهو ابن تسع سنين وكان قد ختم القرآن، فجوّده على الشَّيخ المنير على طريقة الشَّاطبيَّة والدُّرّة، وحَبَّبَ إليه طلب العلم، إذ التحق بالأزهر وحصّل ودرس على أعيان عصره، ولم يدع فنّا إِلاَّ أتقنه ودرسه واجتهد في تحصيله، فأوّل ما حفظ متن الآجروميّة، وسمع سائر الصَّحيح والشِّفاءَ على الشَّيخ عليّ ابن العربيّ السَّقَّاط، ولازم دروس الشَّيخ الصَّعيديّ في الفقه وغيره من كتب المعقول، وحضر على السَّيّد البليديّ شرح السَّعد على عقائد النَّسفيّ، والأربعين النَّوويَّة، وسمع الموطّأ على الشَّيخ محمَّد التاوديّ بن سودة بالجامع الأزهر، ولازم المرحوم حسن الجبرتي سنين، وتلقّى عنه الفقه الحنفيّ وغير ذلك من الفنون كالهيئة، والهندسة والفلكيّات، والحكمة بواسطة تلميذه الشَّيخ محمَّد بن إسماعيل النَّفراويّ المالكيّ وكتب له إجازة مثبتة في برنامج شيوخه، كما جالس ولازم غيرهم من علماء عصره، وشملته إجازة الشَّيخ الملويّ، وتلقى عنه مسائل في أواخر أيّام انقطاعه بالمنزل.
انتهت إليه الرّياسة في العلوم بالدّيار المصريَّة، إذ تصدَّر لإلقاء الدُّروس في حياة شيوخه واشتهر فضله، وذاع صيته وكبر قدره، وشاع ذكره في الآفاق وخصوصا بلاد المغرب وبخاصة بعد موت أشياخه، إذ كانت تأتيه الصِّلات من سلطان المغرب وتلك النَّواحي في كل عام.
وفد عليه طلاب العلم للأخذ عنه والتلقّي منه والاستفادة من مصنّفاته الَّتي هي في غاية التحرير، وكان يُدَرِّس فقه مالك الَّذي هو مذهبه، وفقه الحنفيّ والشَّافعيّ، وتولى مشيخة السَّادة المالكيّة بالأزهر حتى توفي رحمه الله، ثم تولاّها ابنه الشَّيخ محمَّد الأمير الصَّغير.