تبدو ملامح العلم في هذه الآيات واضحة، حيث أشاد الله بفضله عليهما بما أفاء عليهما من صنوف النعم، نعمة النبوة والحكمة والعلم وغيرها (?) ، ومنها إِلاَنَة الحديد لداود وتعليمه صناعة الدروع، ذلك في المجال العسكري، أما في المجال المدني فقد سخر الله لسليمان النحاس ليصنع منه القدور الراسيات وغيرها (?) ، ثم ختم قصصهما برد علم الغيب إلى الله تعالى وحده.
وقد جاء ذلك منسجماً مع غرض مهم من أغراض هذه السورة، وهو تقرير إحاطة علم الله (?) ، وهو من أهم مقاصدها، إذ جاء في مطلعها: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ * يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ * وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (?) كما ورد في آخرها: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ} (?) .
والمتدبر لكلام الله تعالى في قصة داود وسليمان في هذه الآيات يلحظ أنها ركزت على الجانب العملي الذي هو الترجمة الحقيقية للعلم، وسيأتي لذلك مزيد بسط عند الكلام على علومهما إن شاء الله تعالى.
القسم الثالث / سورة ص: