اختيارياً حتى آخر رمق بين رجل وامرأة واحدة وهو اليوم حد الاقتصار على زوجة واحدة.
وقد سرى كره تعدد الزوجات وصار من المسلمات العمرانية أن لم يكن من المسلمات الأخلاقية وهو مع كثير من العوامل الخارجية يقتلع هذه العادة من بين الهنود المسلمين حتى صار من المعتاد بينهم أن يضعوا في عقد الزواج جملة تمنع الزوج صراحة من حق التزوج بثانية ما دامت الأولى موجودة. وفي كل مئة منهم اليوم خمسة وتسعون مقتصرون على زوجة واحدة وهذا إما لاقتناعهم بفائدة ذلك أو لاضطرارهم إليه. وتستقبح عادة تعدد الزوجات بين الطبقات المهذبة العالمة بتاريخ أسلافها والقادرة على مقابلته بتاريخ بقية الأمم إما في بلاد فارس فقسم صغير من السكان يتمتع بهذه العادة المشكوك بلذتها والمأمول أن يقوم قريباً جماعة من حكماء المسلمين يفتون بأن تعدد الزوجات كالرق مكروه في شريعة الإسلام.
ولنرجع الأن إلى موضوع زواج النبي المتعدد وهو يظهر لكثيرين ممن يجهلون الحقيقة أو يتجأهلون موضع انتقاد ومحل لوم. ومنتقدوه من النصارى يذهبون إلى أنه باتخاذه زوجات متعددة ميز نفسه بما لم يجوزه الشرع فأظهر ضعفاً في الأخلاق يصعب اتفاقه مع النبوة. إلا أن التعمق في التاريخ وتقدير الحقائق بدلاً من أن يبرهن أن النبي كان مفرطاً في الشهوات يدل دلالة صريحة على إنه كان يفادي بالعزيز في سبيل الغير باتخاذه بحسب شرع أمته عدة زوجات فقيرات وسد حاجتهن وهو فقير لا مال له ولا عقار. وأننا إذا درسنا عواطفه درساً مدققاً ونظرنا إليها من الجهة الإنسانية يظهر لنا تخرص المعترضين عليه. ولما تزوج خديجة كان في الخامسة والعشرين من العمر وكانت هي أسن منه كثيراً وقد قضيا سوية نحو ربع قرن رافلين في أثواب السعادة والإخلاص وكانت كل هذه المدة رفيقه الوحيد ومساعده الأمين على تخفيف ما كان يصيبه من أذى قريش واضطهادهم وعند حلول أجلها كان في الحادية والخمسين ولا يمكن لأعدائه أن ينكروا أنهم لا يرون في حياته كل هذه المدة ثلمة في أخلاقه أو نقطة سوداء في صحيفته البيضاء. وهو لم يتزوج بغيرها في حياتها على أن الرأي العام في عشيرته يجّوز له ذلك لوشاء.
وعند رجوعه من الطائف بعد بضعة أشهر من وفاتها وهو ضعيف مضطهد تزوج بسودة