يتفرع من هذه الأصول.
الكتب - وضع القدماء الكتب أيام عرفوا الكتابة فكان لبعضهم مثل الفرس واليهود والهنود كتب مقدسة وخلف الرومان واليونان تواريخ وقصائد وخطباً ومقالات فلسفية. وقلما نجد في الكتب المواد اللازمة لمباحثنا إذ ليس لدينا كتاب آشوري ولا فينيقي أما ما بقي من أسفار الشعوب الأخرى فتافه جداً. ولقد كان القدماء يكتبون ولكن أقل منا ولذلك كانت تآليفهم أندر ولم يكن لهم من كل مصنف إلا نسخ قليلة لما أن الحال كانت تقضي باستنساخها كلها باليد وقد دثر غالب هذه النسخ أو ضاع أو تعذرت قراءة ما بقي منه ويسمى علم حلها باليوغرافيا أي علم الخطوط والكتابات القديمة.
المعاهد - أقامت الشعوب القديمة لأنفسها معاهد مثلنا من مثل معابد لأربابها وقصور لملوكها وقبور لموتاها وقلاع وجسور وقنوات وأقواس نصر. ولقد تهدم كثير من هذه المعاهد واستؤصل وتجزأ بيد العدو أو بيد سكان البلاد ومنها ما لم تقوَ الغير على تقويض دعائمه وما فتئت ماثلة للعيان متداعية مثل القصور العتيقة لانقطاع الأيدي عن تعدها. وقد بقيت بقية يعلم منها ما كانت عليه سالفاً. ومازال بعض هذه المعاهد فوق التراب كالأهرام في مصر ومعابد ثيبة وجزيرة فيلا وقصور البرسبوليس في فارس والبارتينون في اليونان والكوليزة في رومية والبيت المربع وجسر الحرس في فرنسا. وإن السائح لعهدنا لينظر إلى هذه الآثار نظره لأثر حديث. وقد ردم أغلب هذه المعاهد على التدريج بتراب أو رمل أو فتاة أرضية وأنقاض فينبغي تخليصها من هذا الساف الكثيف أو حفر أرضها وكثيراً ما تكون عميقة للغاية. ولم يعثر على القصور الآشورية إلا بخرق آكام وتلال. وقد حفرت حفرة عمقها اثنا عشر متراً للوصول إلى قبور ملوك ميسينا.
وبعد فإن عفاء هذه الخرائب لم يكن بصنع الدهر وحده فللبشر اليد الطولى في ذلك. ولم يكن القدماء ليتعبون مثلنا في التقدير والقياس لإقامة البناء. وما عنوا بنزع الردم من أماكنه بل كانوا يركمون الأنقاض ويبنون عليها ولا ينزعونها حتى إذا أشرف البناء الجديد على السقوط تنضم أنقاضه إلى أطلال أخواتها القديمة وهكذا تتألف طبقات عديدة من الأنقاض. وقد جاز أحد السياح المدعو شيلمان بحفرة في مكان مدينة طروادة خمس طبقات من الأطلال إذ كان ثمة خمس مدن خربة كلها وأعتقها على عمق خمسة عشر متراً. وما برحوا