مجله المقتبس (صفحة 786)

أجل، هي لا تزال فيه، ولكنها يا للأسف والخسران قد صدأت وتولتها رطوبة البعد عن الحق وسطا عليها غُبار الرذيلة. . .

كم وكم أيهذا الصلاح يبسم في العالم الإنساني القاتم بريقٌ ضئيل من ذُبالتك المعرضة لجميع الأهواء، من كل الأنحاء، فأريد أن أتبعها، فلا أجدني إلا بين الأشواك، في جانب هوّة مدهشة، يظهر منها التنين وجهنم والغول وكل خيالات الوهم ومخوفات الباطل. . .

كم وكم أيهذي الحقيقة عاهدت عواطفي وضميري وكل شعوري على إخائك، على الصدق لك وعلى إهداء حياتي العزيزة علي إليك، نعم إليك فقط، إليك وحدكِ، فيضطرني هذا الوسط الأسود إلى جناية لا محيص عنها، فأفعلها وأنا شاعر باجتياح روحي إلى البكاء، فأرجع إلى نفسي، وأبكي، ثم أبكي، ثم أبكي، حتى أروي ظمئي من هذا الاختياج في حين أني عارف تمام المعرفة أن الجناية البشرية لا تبررها قطرات الدمع.

وكم وكم أيهذا العدل من دمعة قطرت بيني وبين نفسي من عينيّ بعد جناية، بعد حادثة مشؤومة، فذكرت عند ذلك أنني لا أزال إنساناً وحشياً قاسياً في هذه الحياة. . .

القسطنطينية

محب الدين الخطيب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015