على رأس جيشه الجرار مجتازاً صحاري ليبيا حتى إذا اشتد به الظمأ استغاث بالمشتري فدله على نعامة فتبعها حتى قادته إلى مكان حفرت فيه الأرض بمنقارها فنبضت منها عين.
ولما كان الصيادون يطاردون النعام مطاردة شديدة وكثيراً ما كانوا يلبسون جلودها ويقلدونها في حركاتها فيقتربون منها ويباغتونها. يستعملون لحمها غذاء لهم ويستخدمون جلدها تروساً أو ثياباً أو مضاجع وفرشاً. وإذا تمكنت النعامة من صيادها نفثت فيه سماً قتالاً وعضته عضة يقاسي منها أنواع الألم فلا تكون عاقبتها عليه سوى الموت. أما توم (بيض) النعامة فكان الصيادون يأكلون ما في داخلها فإذا أتوا عليه يستعملون القشرة أقداحاً وأكواباً وإذا رأوها ضخمة يقسمونها شطرين يكونان قبضتين لرجلين يستران بهما رأسيهما.
ومازال بعض السكان في أفريقيا إلى يومنا هذا يقتاتون من لحم النعامة وشحمها وتومها ويبيعون ريشها أو يستخدمونه زينة لرؤوسهم. ويستخدم النعام لحمل الأثقال. وشاعت عادة ركوب النعام في القديم كل الشيوع. ويؤخذ مما قاله بوزانياس القائد الإسبارطي المشهور (477 ق. م) أنه رئي على جبل هيليكون من بلاد اليونان تمثال لارسينوي الأميرة المصرية التي تزوجت بطليموس محمولاً على نعامة من النحاس. ويقول اتينيه الكاتب اليوناني الذي جاء في القرن الثالث للمسيح أنه كان في الاحتفال بظفر فيلادلف الذي قام في الإسكندرية ثمانية قطارات من النعام في كل قطار نعامتان وقد رُسمت صورة جماعة يتعاطون الشراب مرسومة على كوب وفيها ست نعامات يركب متونها فتيان ويسير أمامهم رجل مستور الوجه ووراء هم موسيقار يمشي الهوينا ضارباً بمزماره.
ومما يقصونه من الأخبار عن فيرموس ماركوس الجبار المصري أنه كان يركب نعاماً ضخمة ويستوي على ظهورها فتنساب به انسياباً سريعاً حتى كنت تخاله يطير وكان أكولاً يطعم كل يوم نعامة. وذكر أن هليوكابال الإمبراطور الروماني وضع مائدته ستمائة مخ نعامة. وكان موسى على العكس يكره لحم النعام وحظر على بني إسرائيل استعماله. واستعمل النعام في نينوى صوراً لطيفة في الثياب المطرزة والمشالح الآشورية. وفي بعض النقود الرومية صور مقلوبة تمثل نعامة تسير إلى الشمال والكلب يهم بها. وفي صور قدماء المصريين أشياء كثيرة تدل على استخدامهم النعام في كثير من المهام.