الدين فقال الوزير أنا لا أعود في هبتي وخصوصاً لمثله وفي مثل كتابه فأحضر جميع المال المذكور وجمع له أرباب الديون فقضى عنه ما كان عليه من الديون القديمة والحديثة التي كانت قد اجتمعت عليه مدة المرض وكان قد بقي مريضاً أحد وخمسين يوماً وكان معظم نفقته في هذه العلة الصدقة على الفقراء وعلى طلبة العلم وبقيت من المال بقية وزعت على أولاده وخاصته وكان هذا الوزير قد أنعم بهذه الجائزة وهو يومئذ تحت التوكيل وهو مطالب بألف كومار من المال منها عشرة آلاف دينار روائج فانظر إلى علو همة هذا الرجل وسعة نفسه وصدق اعتقاد. . .
وكان له مع المشايخ الصالحين والصوفية المحققين اتصال حقيقي ونفس روحاني يرتاح إليهم في أوقات خلواته وصفاء مشروباته قال: وقد لازمت ذراه المحروس ثماني عشرة سنة فشاهدت معظم سيرته تشتمل على الأخلاق الشريفة والفضائل الكاملة مع السخاء المفرط. كان لا يبقي على شيء مما يحصل بيده لا في سفر ولا في حضر وكان أكثر عطائه للفقراء وطلبة العلم وذوي البيوت القديمة وذوي الحاجات قال ولقد حضر عنده في بعض الأيام مائتا دينار فبلغه أن صفي الدين عبد المؤمن بن فاخر صاحب الموسيقا قد قدم من بغداد لضرورة ديون عليه قد غلبته فقال هذا من بيت له خدمة قديمة للخليفة العباسي فبعث إليه بالمبلغ المذكور واعتذر إليه أنه لم يكن عنده في هذا الوقت غير هذا المقدار. قال: وكان يقول في مرض موته ليست فائدة المهلة في حياتي إلا لأعطي الفقراء شيئاً فكان مصمماً على العطاء والإحسان وفعل الخير إل أن صار إلى أحسن مصير. قال وكان في أسفاره يصحبه من التلاميذ جماعات وخصوصاً في أيام توجهه إلى خراسان والروم فلقد اجتمع معه في سفره إلى الروم نحو الأربعين طالباً وغالبهم أرباب فضائل وعلوم راسخة وكان يخدمهم بالمال والنفس والعلم وكانوا مع هذا يتقصونه وما يفعله معهم من الخدمة والخير ويقولون هذا الرجل متطفل علينا لأن الناس إنما يخدمونه ويعطونه الأموال لأجلنا ونحن الذين نشيد كلمته ونظهر فضيلته ونجمله بين الناس. قال وكان يبلغه هذا وأمثاله عنهم فلا يغضب ولا يلتفت إلى قول القائل إليه ذلك ويقول: أنا أريض أخلاقي بالصفح عن زلات إخواني إلي.
وقال الأربلي: وأخبرني الشيخ ضياء الدين الطوسي قال: اجتمعت بقطب الدين الشيرازي