ثلاثمائة ألف ليرة ولا نعود ننفق على مجريتنا وبريتنا كما يفعل اليوم بل على تنشيط الزراعة والتجارة والصناعة وتوليد منابع جديدة نسد بها العجز في ميزانيتنا ونحفظ بها شرفنا المالي على أن نفقاتنا لا تزيد بعد الحرب على أربعين مليوناً من الليرات. نحن لا ننكر أن الأمة تصاب بفتور في حركتها التجارية بعد الحرب لم لاقته من الخسائر في النفوس والنفائس فتنقص النواتج وتقل 1 وهذا طبعاً يولد تناقص واردات الدولة فتكون الواردات بعد الحرب أقل منها قبلها بثلاثة ملايين فتصبح سبعة وعشرين مليوناً بعد أن كانت ثلاثين مليوناً على أننا يمكننا تلافي هذا النقص فقد تيسرت لدينا مصادر ثروة جديدة وهي واردات الجمارك والأعشار والضرائب على التبعية الأجنبية ويمكن تخمينها بأربعة أو خمسة ملايين ولا مناص للدولة من أحداث ضرائب تستقي منها ماليتنا ما يروي غليلها اقتداء بدول العالم وإصلاحا لما أخربته الحرب فقد التمست حكومات العالم طرقاً شتى لا يجاد موارد لها فطرحت رسوماً ومكوساً على المكاسب التي كانت سبباً لإثراء التجار في الحرب وشاركتهم في أرزاقهم وكانت تسد النفقات التي أنشأتها الحرب بالاستقراض وبالمكوس الحديد فقد أحدثت فرنسا ضرائب كانت وارداتها منها نحو مليار مارك واقتدت بها ألمانيا فاستطاعت أن تجمع واردات من المكوس الحديثة نحو مليار ونصف مليار مارك وبلغ ريع المكوس الحربية في إنكلترا نحو ثلاثة مليارات من الليرات.
ومن أهم الضرائب التي على أحداثها ضريبة على المكتسبين من الحرب تفيد الدولة ولا قضر بالأمة وثروتها وهذا عمل مشروع التجأت إليه جميع دول الأرض على الإطلاق فقد رأينا كثيراً من أرباب رؤوس الأموال الصغيرة أصبحوا من أرباب الثروة الطائلة بسبب الحرب وليس من العدل أن يتمتعوا بهذه النعم ويضنوا على امهم الحنون بقليل من المال تنفقه على ما يحفظ ثغورهم ويقيم موازيين العدل بينهم وتحمي متاجرهم وأوطانهم وإذا قسنا مقدار الضرائب التي يؤديها المتوطن في فرنسا أو إنكلترا أو في إيطاليا أو ألمانيا ظهر لنا عطف الدولة على رعاياها ورأفتها بالشعوب الخاضعة لها فهي ارأف الحكومات المتمدنة فلا تحمل الوطني فوق طاقته ولا ترهقه في الضرائب والمكوس كما هي الحال في البلاد الأجنبية. وقد يستكثر بعضهم ويتصور غولاً اقتصاديا يفترس استقلالنا ويزدد موارد حياتنا ومرافق ثروتنا ولكن الذي يعرف غنى البلاد العثمانية بمناجمها ومعادنها