مجله المقتبس (صفحة 6719)

النفوس البشرية بالحرب خلال 107 سنين (1793 - 1900) يبلغ خمسة ملايين على حين هلك في المجاعة في الهند خلال عشر سنين فقط تسعة عشر مليوناً من البشر وتقول الإحصائيات الإنكليزية أنه كان في الهند الإنكليزية أوائل القرن التاسع عشر تسعون مليوناً ما كلنوا يتناولون طعامهم عندما تحتاج إليه معدهم.

ومثل هذه الشهادات تدل على سوء حالة البلاد التي دخلتها انكلترا في أشد أوقات ضيقها فحرمت من أسباب نجاحها المادي والعقلي ومضى عليها قرن وهي في حالة وقوف وعاش الشعب فيها بعيداً عن كل بهجة يوسف في الجهل والشقاء ويعامل بالخشونة التي لاتقل من خشونة روسيا في معاملة رعاياها.

وقد عمدت إنكلترا في استعمال الهند إلا ثلاث طرق الأولى فتحها بالتجارة فبعد أن اضمحلت تجارة الهند وصناعتها افتقرت البلاد فقبضت عليها بريطانيا العظمى بيدها الاقتصادية وبما استنزفته انكلترا من أموال الهند أحرزت التفوق الصناعي الذي أخذت تدل به على العالم. والطريقة الثانية افتتاح البلاد بالضغط فكل مطلب عال قمع بشدة وكل رجل مستقل الفكر اضطهد بدون شفقة وكا ارتقاء عقلي جعلت أمامه السدود والحواجز والطريقة الثالثة طريقة الفتح بالتوحيش فإن انكلترا عمدت إلى خديعة الهنديين بأحاييل وأكاذيب حتى يكونوا خاضعين صابرين وبذلت جهدها في إفساد أخلاقهم وإذلالها وإبقائهم في جاهلية جهلاء وقضت فيه على كل عاطفة عنصرية ومابرحت تلقنه عظمة انكلترا وتطري له أعمالها. هذه هي الأساليب التي عمد إليها الإنكليز لحكم الهند فكان من نتيجتها أن جعلت سكانها حطابين وسقائين.

لم يقتد الإنكليز بالرومان في استعمارهم وكان هؤلاء يجتهدون في التمثل بالشعب المغلوب وفي إدخال المناحي الرومانية عليه أما الطريقة التي اختارتها إنكلترا فهي استثمار المغلوبين وإذلال نفوس عنصرهم لإحلال عنصر آخر مكانه أليست هذه الطريقة من مرجيات الخجل للمدنية ومن الجنايات الإنسانية فلكي تغتني انكلترا تبيد في الهند كل صناعة وتأتي على الحياة العقلية وتفلج كل مشروع يراد منه نهضة شعب مؤلف من ثلاثمائة مليون نهضة تحسن أخلاقه وتطيب أعراقه. هذا ما قالته الصحيفة الألمانية عربناه ليطلع عليه القارئ ويتأمل فيه فإنه حوى مادة تاريخية لابأس بها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015