الأهالي الساكنين إذا أصابهم ضرر من هذا القبيل وجب على الحكومة أن تتداخل في الأمر بقوة السلاح فكما أن تراجان وكورنيليوس وبالما من قواد الرومان حموا على عهد حكومتهم الأراضي الزراعية بين صرخد وبصرى الساكنين في حوران والجولان من الأهلين ودوا عنهم غارة المغيرين من أهل البادية هكذا نعهد إلى الحكومة العسكرية اليوم أن تحمي حمانا في تلك الحال أيضاً من أبناء تلك العشائر القديمة وهم الرولة وولد علي وبني صخر.
وبعد فإن الحكومة لم تمد يد المساعدة لمن أراد أن يقوم من الأهلين بنفسه يحمي المراعي من التخريب ليأمن على أرضه حتى أن مهاجري الجراكسة لما نزلوا القنيطرة وأرادوا الانتفاع من مروج الجولان يقطعون منه قصيلاً للشتاء أغمضت الحكومة عينها عنهم فاضطر الجراكسة أن يقتتلوا مع أهل البادية دفعاً لرد عادية هؤلاء عنهم وأصبحوا يحصلون لمواشيهم على قصيل زيادة عما يلزمهم.
أوردت هذه الحادثة لأشير بها إلى أن عادة الرعي المتبادل مهما كانت متأصلة في طبيعة الأهالي ففي الوسع نزعها ومتى تم ذلك في أرض استفاد الأهلون والحكومة معاً. أن تخريب المراعي هو العامل الرئيسي في تخريب الغابات وقد أثبتت التجارب هذه الحقيقة على صورة لا تقبل الاعتراض وليس القطع أو الحريق من أعظم الحوائل في نمو الأشجار على اختلاف ضروبها وإيصال الأذى إليها من جذورها أو رأسها بل الضرر كل الضرر في إيصال الأذى إلى رأسها فتحول أسنان المواشي دون نموها فتتصلب سطوح الأراضي الثابتة وتنقسم الكثبان وبدلك يصعب أن تعود إلى الأشجار حياتها.
تخريب الحيوانات الصغرى ولاسيما الماعز
الماعز أعظم الآفات على غاباتنا وإذا اجتمعت على تخريب الغابة النار والفأس فلا يفعلان فيها كما تفعل أسنان الماعز. عرفت فيها هذه المضرة منذ القديم حتى جاء في قوانين بني إسرائيل صريحاً خطر تربية الحيوانات الصغيرة في فلسطين. وكان المنورون منهم يهتمون جدّ الاهتمام للمحافظة على هذا القانون ووضع القيود لتنفيذه. جاء في التلمود أن أحد حاخامي بني إسرائيل أصيب بسعال شديد فأوصه الأطباء أن يشرب لبن عنز سائغاً حديثاً فجاءه بحسب العادة المتبعة بعض رفاقه من الحاخامين يعودونه في مرضه فرأوا في فناء الدار تلك العنزة التي جعلت هناك للانتفاع بلبنها ولم يلبثوا أن رجعوا أدراجهم قائلين