هيبةً ووقاراً. ألفت أنظاركم إلى مسألةٍ تتعلّق بمعلوماتكم العلميّة إنّي لا أشكّ في أنّ مهمّة القاضي والمحامي من أشرف الأعمال وأشقّها. فكلٌّ منهما ليس مختصّاً فقط بمعرفة القانون وعندي أنّه لو درسه في أوسع موسوعاته لما عدّ قاضياً خطيراً أو محامياً نحريراً. إن إجادة درس القضايا والحكم فيها لا يحتاج فقط إلى معلومات قانونيّة بل إلى معلومات طبيّةٍ وزراعيةٍ وهندسيّةٍ وحسابيّة. إنّ القاضي يفصل في نقط قانونيّة بعد تقدير الموضوع ولكنّ هذا الأخير يحتاج إلى معلوماتٍ كثيراّ ما تكون غير قانونيّةٍ
أنا لا أطلب أن يكون بيد رجل القانون شهادةٌ في العلوم الأخرى فذلك أمر مستحيلٌ وإنّما أطلب منه أن يكون ذلك الرّجل الّذي يمكنه أن يبدي رئياً في كلّ شيءٍ ولو إلى درجة محدودةٍ. أطلب منه أن يكون عموميّاً فكثيراً ما أهمل القضاةُ والمحامون ذلك الأمر وعند عرض نقط طبيّة أو هندسيّة ينفضون أيديهم ويقولون نحن لسنا أطبّاء أو مهندسين لنأخذ تقرير الاختصاصيّ. فذلك ما أنهاكم عنه قد يستعين رجل القانون بتقرير الاختصاصيّ فلا يجب أن يهمل المسألة ففي يده أرواح الناس وأموالهم وأعراضهم وهو المسؤول عن حكمه لا الخبير. فيجب عليه أن يبحث بنفسه ويناقش الاختصاصيّ في رأيه ويطلب منه بيان الأسباب التي أدّته إلى تكوين اعتقاده حتّى يرتاح ضميره. لا جرم أنهلا يمكنه القيام بذلك إلا إذا كان عنده بعض معلوماتٍ بالطّبّ أو الهندسة أوغير ذلك
يجب على المحامي أن يكون كذلك حتى يصون حقوق موكّله ويقوم بالدّفاع خير قيام. أستشهد بقضايا كثيرةٍ تحتاج إلى المعلومات العلميّة مثل قضايا التّنويم المغناطيسي والتّسميم وأشير أيضاً إلى قضيّةٍ حدثت في بلاد الإنكليز كان لها رنّةٌ بين رجال القانون. قضيّةٌ تضمّنت حيثيّاتها منشأ التّلغراف اللاسلكي وتاريخه وتركيبه وكلّ ما يتعلّق به حتّى قال بعضهم لمّا قُرأ الحكم: إنّ القاضي الذي أصدر الحكم كان بلا شكٍّ مرافقاً لمخترع هذا الاختراع في جميع أبحاثه. فهذا يبيّن لكم بأجلى بيانٍ المعلومات التي يجب على القاضي أن يعرفها فلا تحرموا إذا مكاتبكم من كتبٍ متعلّقةٍ بتلك الموضوعات حتّى تقوموا بحرفتكم أحسن قيام وكونوا في كلّ أطواركم مهذّبين من الرّقّة والأدب على جانبٍ أي ليكن كلٌّ منكم جنتلمان
مرض المسكرات