بقين بدون معين خلال الحرب ودفعتهنّ ألفاقة إلى ارتكاب المحظورات
الحرب تؤثّر في أخلاق الشّعب المحارب وعقل سكّانه المدنيّين فتحدث فيهم حماسة من شأنها أن تحمي ألفرد من العوامل الدّافعة إلى الجرائم ويقلّ ارتكاب الشرّ في الإنسان. ومتى زاد ألفحش في أمّة تشتد الحاجة إلى عاصفة مطهّرة تشتد إلى حرب تخلّص النّفوس من شقوتها وقد أثبت علماء الإحصاء في ألمانيا أنّ هذا الانقلاب في الأخلاق مع ألفكر المتّحد والحماسة الوطنية الّتي ولّدتها حروب الألمان هي أيضاً من أسباب قلّة الجرائم.
وهناك سبب ثالث غير هذين العاملين الطبيعي والأزليّ وهو أنّ الأفراد قد لا يشكون زمن الحرب في المسائل الطفيفة والحكومات تكون أوسع صدراً في هذا الشّأن فلا الصّغائر فيقلّ الضّرب على يديّ المجرمين حتّى يظنّ النّاس أنّ الجرائم قلّت أكثر ممّا هي في الحقيقة. والجرائم أيّام الحرب تختلف باختلاف طبيعتها ومهما كان الشعب راغباّ في إشهار الحرب فإنّ من النّاس من يحملون تبعة ذلك على ملك البلاد فيطيعون فيه ألسنتهم ولذلك يحكم عليهم بأحكام إهانة الملوك وجرائم الإفلاس تزيد زمن الحرب لاشتداد الأزمة الماليّة. والجنايات بعد الحرب وأنّ لم تطل أيّامها تكون أكثر لوقوف دولاب الصناعة بقلِّة المال وقلِّة اليد العاملة وإذ يهلك كثير في الحرب ومنهم من تقعد بهِ جراحته عن العمل فيزيد شقاء العائلات ويختلّ نظام البيوت وبذلك تزيد جنايات الانتحار كما قال ستارك. وزيد عقبى الحرب الاعتداءُ على الأفراد لأنّ عدداً كبيراً منَ الجندِ يعودونَ إلى الحياة المدنيّةِ وقد فقدوا شعور احترام الحياة الإنسانيّة والملكيّة أو قلّ هذا الشّعور وهذا ما يحقّ بهِ قول من يقول أنّ فكرةَ الحربِ لا تشبَعُ بغيرِ الذّهب والدّم. .
وممّا لا ينكرُ أنّ الدّورِ الّذي يعقب الحربَ يحمل في مطاويه القرْم إلى السّفك والتّخريب لا المتسامح فيه بل المحرّض عليه من الرّؤساء. وهذه الأهواء الّتي تعمل عملها بالإغواء والقدوةِ يحاول المجتمع والممالك المتحاربة أن يؤجِّجُّوا نيرانها بكلّ ما لديهم من الذّرائع تغرس في النّفوس أصولاّ يصعب اقتلاعها في الحال وتظلُّ تنمو حتّى إذا مدّ السّلام رواقهُ لم تعد حاجة إليها فوجب استئصالها أو منعها من النّماء.
وهنا واجبات سياسيّة اجتماعيّة يجب علينا زمن الحرب وبعده أنّ نأخذ بمحظ مّنها وهو أنّه وهو أنّه يجب على الحكومة والمجتمع أن يجتهدا في القضاء على الشّقاء والأمراض الّتي