من الجماد غدت لكن سرعتها ... نظيرها في ذوات الروج ما علما
ومن حديد لقد أمست محجتها ... وجسمها من حديد عاد ملتئما
تطير مسرعة من غير أجنحة ... تمشي وما استعملت في سيرها قدما
تمشي على عجل مشياً على عجل ... كأنها السيل من فوق الزبى هجما
تظن غضبى وما أن مسها غضب ... وذات داء وما أن صادفت ألماً
تطبق الأرض من أصواتها زجلاً ... ولم تكن حركت عند الصراخ فماً
والماء في جوفها تغلي مراجله ... والنار قد ألهبت من تحته ضرما
وللبخار غدا في جوفها زجل ... وجوفها أبداً منه لقد فعما
تظل تزفر إن جد المسير بها ... وقلبها يقذف النيران والحمما
كأنها ملئت غيظاً واحتملت ... غماً وما عرفت غيظاً ولا غمما
تنساب كالأفعوان الصل صادفه ... من يختشيه فولى عنه منهزما
ما أن رأينا جبالاً قبلها قطعت ... كالبرق عرض الفلا تستصغر الهمما
إن فارقت منزلاً أوقاربته غدت ... تصيح معلمة من لم يكن علما
وقال في الحكم والمواعظ:
لعمرك ليس العلم بالفرو والقبا ... وبالكم في عرض السموات والأرض
وبالندب المسدول تحت عمامة ... تسد قضاء الجو بالطول والعرض
ولا بإشارات الأكف كأنما ... يريد بها الأفلاك في البسط والقبض
ولكنه قلب حفيظ ومسمع ... سميع وطرف قد جفا طيب الغمض
إذا لم يزن علم ألفتى بتواضع ... وعقل وحفظ للنوافل والفرض
فللجهل خير للفتى من علومه ... إذا لم تكن يوماً إلى عمل تقضي
وهذا الديوان يدور كسائر الدواوين أوأكثرها على المديح والتقريظ والغزل والنسيب وعلى الشيب والتهاني والمراسلات والعتاب والرثاء والحماسة والحكم والمواعظ والآداب والمناجاة وشكوى الزمان والهجاء والصفات والمعميات والألغاز والملح والتاريخ والحنين إلى الأهل والأوطان، ومنثوره مسجوع كنثر أهل القرن الحادي عشر والثاني عشر ينظر فيه إلى الألفاظ أكثر من المعاني وقد ختم ديوانه بترجمة حاله بنفسه ترجمة طويلة ذكر فيها