مجله المقتبس (صفحة 6383)

الغيران إنما تسقى من أودية جارية من الجبال مثل سيل الزرقا السائل من جهة عجلون إلى الغرب ومثل مياه بيسان المنحدرة من صوب مرج بني عامر إلى الشرق ومثل ماء ألفارغة النازل من الغرب إلى الشرق ومثل عين السلطان التي تسقي جنان أريحا ومثل ماء غور نمر المنحدر من وادي شعيب أسفل الصلت إلى الغرب وماء حسبان وغيرهما من المياه وهذه الجدأول كلها لو اجتمعت ما ساوت معشار الأردن الذي أصبح عاطلاً من كل عمل ثالثاً إذا وقف السائح على المعالم والآثار ودقق في بقايا القنوات والحنايا تحقق صحة ما هو وارد في كلام ياقوت وغيره من أن الأردن كان يسقي ضياع الغور رابعاً أن زراعة قصب السكر أصبحت اليوم مفقودة من كل هاتيك الأرض مع أنه قد عرف بالتجربة أنه لايوجد أرض صالحة لهذه الزراعة نظير الغور وقد صادف في هذه المدة أن بعض النابلسيين زرع نصيباً من قصب السكر فجاء منه غلة مدهشة ونوع من القصب هو الحلاوة والمائية بحيث لايوجد له نظير في الدنيا ومن هنا يعرف سبب اختيار الأولين هذه الأراضي لزراعة القصب وقد جاء في كلام ياقوت قوله وأكثر مستغلهم السمر ومنها يحمل إلى سائر بلاد المشرق فيظهر منه أنه كان هناك معامل للسكر كما هي الآن في صعيد مصر وفي جنوبي الغور إلى يومنا هذا مكان معروف بمطاحن السكر ومما يدل على وجود السكر قديماً في عكا ما ورد في تاريخ الروضتين عند ذكر فتح صلاح الدين عكا وهو قول العماد الاصفهاني وتصرف الملك المظفر تقي الدين في دار السكر فأفنى قنودها واستوعب موجودها ونقل قدورها وأنقاضها وحوى جواهرها وأعراضها ولعمري عار على البلاد أن تكون فيها معامل السكر في القرن السادس والسابع وإن لا يوجد فيها معمل واحد اليوم حتى يبلغ ثمن رطل السكر مائة قرش فأكثر ويلتجي الناس إلى دبس الحروب الذي كان يباع الرطل منه بقرشين ونصف قرش فصار اليوم بثلاثين قرشاً فإذا أعيد الأردن إلى محاربه الأولى وانشقت منه جداول من عند بحيرة طبرية ذاهبة جنوباً ركبت الغيران بأجمعها بسبب التحدر الذي في الأرض وأصبحت تلك الأراضي كلها سقياً بعد أن كانت عذباً تشرب من ماء المطر.

الغذاء غير المألوف

إن قلة الأغذية التي أحس بها في كل مكان من الكرة بداعي قد لفتت الأنظار إلى غذاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015