أن ذلك أمر لا يعنيهم وقال أن الوالي والمتصرف والقائمقام إذا كان لهم ذوق ومعرفة ينهضون بالبلاد نهوضاً غربياً وإن أعمالنا في الولايات لا يعنون بترقية من يتولون أمرهم وقال لو كان لي من الأمر شيء لنظرت في أحوال العامل قبل أن أعينه لأرى إذا كان يحسن تدبير أو أسرته فإذا كان كذلك وسدت إليه أمر الأمة وأيقنت أنه يحسن الإدارة قال أنه يحسن الإدارة قال إن هذه القرية ليس فيها كما في مملكتنا فرد واحد أصابته الحاجة وإن نواب النمسا والمجر صرفوا فضل معارفهم المدنية والاجتماعية في إنهاض أمتهم وإسعادها مما فكروا في إملاء جيوبهم وأنه رأى دكان مزين بهذه القرية ليس مثل مضافتها ولطفها في جميع جادة الباب العالي في دار السعادة وبهذا يتبين ألفرق بيننا وبين جيراننا ولم يرى في الآستانة شبيهاً للبلاط الذي رصفت به شوارع هذه القرية بل ولا متراً واحداً هذا ما قاله صاحب أقدام وهو يعود باللائمة على المحكوم وعلى الحكام أيضاً. والناس كلهم هنا إلا قليلاً حسالة لولا ما يحفزهم دافع الجوع في القرى ما رأيتهم زرعوا أرضاً أما الكماليات التي نعدها نحن كذلك وهي عند الأوروبيين حاجيات بل من متممات الحياة كهندسة البيوت وتنظيمها واستجادة فرشها وتحسين الموائد وهندام الثياب والشعر وقص الشعر واللحية وتعليم الأولاد وحضور الصلوات إلى غير ذلك مما أملت به القوانين الدجولية والمدنية فهذا مما لا يكاد يكون له أثر في أكثر قرانا ولذلك كانت قرية الدكيرخ أرقى من حاضرة ولاية من ولاياتنا بمراحل وليس غنى الأمم بكثرة عددها بل بنسبة الوطنيين العاملين فيها يقول رصيفنا أن النمساويين متدينون لا متعصبون وهذا التدين نفاهم في جامعتهم وتكوين وطنيتهم وليس في الدين ما ينفر من اتخاذ أسباب الراحة والتعامل بالحسنة ولا فيه ما ينكر اللطف والذوق وينافي العمل للرقي. إن قرية كالتي ذكرها يحيط أهلها بكل ما في العالم من موجبات الترقي والتعالي لا يكونون غرباء مما تعمله حكومتهم بل يقدرونه حتى قدره ويبادرون إلى إيجابة سؤلها من تلقاء أنفسهم في يوم الشدائد لو عمل الأهلون الواجب عليهم هنا على القدر الذي تعمله الحكومة لما أنحط لنا عمران ولا شكا ألفقر إنسان وإذا كانت النمسا بل قرية فيلدكيرخ إحدى قراها تعيش عيش سعادة ورخاء فذلك للأثر الناتج عن تعلم أهلها تعليماً عملياً ولأن أهل اليسار من أهلها ما ضنوا يوماً بوفرهم في سبيل الإخاء بأيدي أهل الطبقة الدنية من جيرانهم الغني عندهم لم