فهلهلوا ومشطوا ففلفلوا ظنوا ما لا يكون ولا يمكن ولا يستطاع ظنوا أنه يمكنهم أنهم يدسون الفلسفة التي هي علم النجوم والأفلاك والمقادير والمجسطي وآثار الطبيعة والموسيقى الذي هو معرفة النغم والإيقاعات والنقرات والأوزان والمنطق الذي هو اعتبار الأقوال بالإضافات والكميات والكيفيات في الشريعة وان يربطوا الشريعة بالفلسفة وهذا مرام دونه حدد وقد تورك على هذا قبل هؤلاء قوم كانوا أحداً أنياباً واحضر أسباباً وأعظم أقداراً وارفع أخطاراً وأوسع قوى وأوثق عرى فلم يتم لهم ما أرادوه ولا بلغوا منه ماأملوه إلى آخر ما قال وبرهن عليه وهو من قبيل ما يذهب إليهم بعضهم اليوم من كون الشريعة ينبغي أن تمشي في طريق والعلم في طريق خلافاً لرأي القائلين بتطبيق الشريعة على القواعد العلمية أو رد العلوم إلى أصول الشرع حتى لا تقع الشبهة في العقيدة وهذا بحث ليس من مقامنا اليوم وإنما جرنا إليه الاستطراد في التعريف برسائل إخوان الصفا وواضعيها ومدار الكلام اليوم على كون حكماء العرب عرفوا الجاذبية قبل اسحق نيوطن واستشهدنا على هذه الحقيقة بما ورد في رسائل إخوان الصفا وإليك نبذة ثانية أيضاً تأثرها عن ياقوت الحموي المتوفي سنة 626 وهو كلامه في مقدمة كتابه معجم البلدانوقال قوم أن الذي يرى من دوران الكواكب إنما هو دوران ألفلك وقال آخرون أن بعض الأرض يمسك بعضاً وكثير منهم يزعم أن دوران ألفلك عليها يمسكها في المركز من جميع نواحيها وقال والذي يعتمد عليه جماهيرهم أن الأرض مدورة كتدوير الكرة موضوعة في جوف ألفلك كالمحة في جوف البيضة والنسيم حول الأرض وهو جاذب لها من جميع جوانبها إلى ألفلك وبنية الخلق على الأرض أن النسيم جاذب لما في أبدانهم من الخفة والأرض جاذبة لما في أبدانهم من الثقل لأن الأرض بمنزلة حجر المغناطيس الذي يجتذب الحديد وما فيها من الحيوان وغيره بمنزلة الحديد وقال آخرون من أعيانهم الأرض في وسط ألفلك يحيط بها ألفرجار في الوسط على مقدار واحد من فوق وأسفل ومن كل جانب وأجزاء ألفلك تجذبها من كل وجه فلذلك لا تميل إلى ناحية من ألفلك دون ناحية لأن قوة الأجزاء متكافئة ومثال ذلك حجر المغناطيس الذي يجتذب الحديد لأن طبع ألفلك أن يجتذب الأرض إلى آخر ما قال وقال ألمقدسي فإما الأرض فإنها كالكرة موضوعة جوف ألفلك كالمحة جوف البيضة والنسيم حول الأرض وهو جاذب لها من جميع جوانبها إلى ألفلك وبنية الخلق على