السكة الحديدية الكهربائية في خمس عشرة دقيقة. رأيت أثينا مدينة وسطى لا تزيد نفوسها عن مائتي ألف وهي في منبسط من الأرض وعلى مقربة منها أكمة قام عليها الأكروبول والمدينة نظيفة في الجملة مبلطة أرصفتها بحجر أبيض يشبه الرخام وفيها حدائق نظيفة وأبنيتها الحديثة من الرخام أيضاً وأهم ما لفت نظري فيها معاهدها التي قامت بعطايا المحسنين من أبنائها مثل الإستاد أو الملعب العجيب الذي أنشئ بمال أفيروف ونصب تمثاله أمامه وأفيروف هو الذي خلف الملايين من ألفرنكات أعطاها لأمته ومنها أنشأت قسماً من الدارعة اليونانية المنسوبة لاسمه.
نعم في أثينا تتجلى عطايا اليونان المحدثين فترى مدرسة البنات عالية داخلية وخارجية أنشأها أرساكي من ماله وترى مكتبة الأمة أسسها فالينوس وترى لافيروف حبوس النساء والأودولسينا المجمع العلمي. لسيكنروس حبوس الرجال وقد أنشأ على نفقته من أثينا إلى فالير طريقاً معبدة وطولها 9 كيلومترات. وأنشأ فارفاكيس مدرسة عالية للأولاد وجاباس قصر المعرض وهو مؤسس مدرسة البنات العليا للروم في الأستانة.
وهكذا تجد فلاناً من أغنياء اليونان انشأ مدرسة صناعية وآخر مدرسة زراعية وغيره مدارس ابتدائية وليلية للفتيان والفتيات فتجد اليوناني مع أنه أكثر الأمم هجرة لبلاده - لأن نصف اليونان هاجروا إلى مصر والسودان ولأميركا وشواطئ البحر المتوسط وغير ذلك من البلاد - أكثرهم تعلقاً بحبها وتفكراً في إنهاضها يغتني أحدهم من مصر أو من أميركا ويجود بالألوف لبلاده لينهض بها وهذه خاصة من خصائص اليونان وأن كان المشهور عنهم كزازة الأيدي.
نهضت اليونان في المدة الأخيرة نهضة عظمى بفضل نشر التعليم على اختلاف صنوفه بين أبنائها وهو الدواء الشافي لكل مرض اجتماعي. التعليم في اليونان مجاني إجباري وفيها اليوم 1414 مدرسة ابتدائية للذكور منها 1197 من الدرجة الأولى و134 من الصنف الثاني و29 من الصنف الثالث و54 من الصنف الرابع وعندهم 4. . مدرسة للبنات منها 3. . من الدرجة الأولى وفي القرى 884 مدرسة تقبل الذكور والإناث على السواء وعندهم مدرسة عليا لتخريج المعلمات وقد أنشأت جمعية أثينا الأدبية عدة مدارس مسائية يتعلم فيها المئات من ألفتيان المضطرين أن يعملوا في نهارهم وليس لهم من الوقت