عن مناطق الحدود ضد إغارة كان بقوم بها الروس وبعكس ذلك فقد كان للساحة العثمانية الثالثة وهي الساحة العراقية شأن خاص وقد قامت الجيوش العثمانية هنالك بأعمال خارقة في تاريخ الحرب الحاضرة فالإنكليز بعد أن أصبحت الدولة العلية في عداد المتحاربين قد أبحروا بجنودهم إلى الخليج ألفارسي فاستولوا على البصرة وامتدت سلطتهم حتى اتصلت بدجلة وكادت تشرف على بغداد ومع ذلك فهذه الأعمال ظلت عقيمة لا فائدة عسكرية منها للإنكليز وكان هؤلاء يعلقون أملاً سياسيا يتوصلون إليه لدى قبائل العرب.
وقد تقدم هجومهم في عام 1915 وكادوا يحدقون ببغداد ولكن العثمانيين الذين تلقوا نجدات مهمة ردوهم على أعقابهم وطردوهم من كوت الإمارة طرد عزيز مقتدر كما أوقعوا بهم في سلمان باك ضروب التقهقر والفشل واتسعت مناطق الحرب أمام نهر دجلة وكانت الحوادث العسكرية التي تجري هناك سلسلة انتصارات كللت مفارق الجيوش العثمانية بأكاليل الظفر.
أما حوادث الساحة العثمانية الرابعة ونريد بها قناة السويس فلم يحدث في عام 1915 فيها ما يدعو إلى الذكر غير كشف تعرضي بسيط ومع ذلك فيمكن القول أن في الزوايا خبايا يرتاع لها الإنكليز وفي مقدمتها وقعة القاطية الأخيرة.
ولننظر الآن في ساحة الحرب الإيطالية التي خضبتها إيطاليا بالنجيع الأحمر ففي 23 أيار سنة 1915 أعلنت إيطاليا الحرب على النمسا وفي 8 حزيران حدثت المعارك الأولى أمام إيزنزو واكتست هذه الحوادث في تلك السنة لباساً خطراً وعقب ذلك قيام العدو بهجوم شديد على جبهة حليفتنا وفي ذات الوقت كانت المعارك الصغيرة التي لا شأن لها تجري في ساحة التيرول زكارنتي وقصارى القول فإن العدو مع توفر استعداده لم يبلغ من النمساويين منالاً وظلت أعماله مجدبة لا ثمرة فيها وكان من جيوش النمسا والمجر أن تقدمت كثيراً في تلك الأصقاع وتوشك ونحن نكتب هذا أن تطل على أرض البندقية من عمل إيطاليا وتقسم الجيش الإيطالي شطرين.
وعند نهاية عام 1915 أصبح للساحة البلقانية مركز عظيم وقد كان المقصد منها بادئ بدء إنزال العقاب بصربيا التي سببت هذا الحريق العالمي ثم الاتصال بالقسطنطينية وإعادة الأملاك المقدونية المفقودة إلى بلغاريا التي خسرتها فتم كل حادث في مدة عشرة أسابيع.