حتى تخوم جمهورية سويسرا وما برحت الآن تثبت وتستمر شديدة.
وقد حاول الإنكليز والفرنسيون والبلجيكيون عند حلول عام 1915 أن يخترقوا خطوط الألمان حتى ينهوا أمد هذه الحرب التي صح القول بأنها حرب قلاع وحصون أبدية القرار وبذل أعداؤنا هذه المساعي في إقليم فلاندر وارتواز (في الجنوب الغربي من ليل) وفي شمبانيا وما بين نهري الموز والموزل وحتى الآن ما برح هؤلاء يندحرون دون أن يصيبوا مغنماً أمام بسالة الألمان.
وكان العدو من خلال أشهر عديدة استطاع أن يعزز مواقفه وأن يأتي إليها بجنود كثيرة العدد والعدة وأن يزيد حصونه قوة. كل ذلك استعداداً لهجوم على الألمان ولكنه لم يصب مغنماً لأن جيش ولي العهد الألماني قد تقوى على العدو في ساحة شمبانيا وأحرز سلسلة باهرة من الانتصارات وعجز الفرنسيون رغم تكاثف قواهم عن حفظ بعض كيلومترات احتلوها من الأراضي الألمانية في الفوسج. ويقال على وجه الإجمال لأن الساحة الألمانية في الغرب بقيت دون أن يطرأ عليها تبدل في عام 1915 وظلت أراضي العدو التي افتتحتها جنود حلفائنا الظافرة عند هجومها الأول منيعة لا تؤخذ وفوق ذلك فإنها عززت حتى صارت في حالة لا يقوى العدو معها أن يصيبها بأذى.
أما الحوادث في الساحة الشرقية فإنها أوسع نطاقاً. وكان الروس في ختام عام 1914 قد أغاروا بقواهم الجرارة على ولايات بروسيا الشرقية حتى أن جنودهم أطلت على بوزن فانتهت حركاتهم باندحارهم وعقب ذلك أصبحت الحروب حروب متاريس في بولونيا الروسية وفي القرب من خط الفيتول وناريف وبوهر وفي القسم الشرقي من بروسيا الشرقية وفي غاليسيا الغربية ولبست لباساً مماثلاً للساحة الغربية ورجع الروس إلى قلب مراكزهم محاولين التقدم على الجناحين غير أن هذه المحاولة ما لبثت أن تحطمت أمام مقاومة الجيوش النمساوية الألمانية في الكاربات وسقوط قلعة برزميشل وفي خلال ذلك كانت انتصارات جيش هندنبورغ في الشرق من بحيرة مازوريان من الأسباب التي أفضت إلى إنقاذ بروسيا الشرقية بصورة نهائية والحقيقة أن الاحتلال الروسي في تلك الأرض والأصقاع كان فصل انتقام شديد الهول. لكن الروس عوقبوا عليه باجتياح الألمانيتين لولايات البلطيك الروسية.