مجله المقتبس (صفحة 6121)

اللطيف تمر الأشربة الروحية وفي هذه الغدد والتجاويف تستقر الكحول ولا يخفى أن الكحول هي المبدأ الفعال في الأشربة الروحية فكل ما يعزى إليها من نفع أو ضرر يرجع إلى ما فيها من طبيعة الإحراق وخاصة التخدير أما ما يراد منها بالإحراق فهو نفس ما يراد بالحامض النتريك والبوتاسا الكاوي. وغيرهما من الكاويات الكيمية التي تحرق ما تتصل إليه من أنسجة الجسم بما فيها من شراهة امتصاص الماء فإذا دخلت القناة الهضمية أحرقت ما تتصل به من حويصلات الغشاء المخاطي فإذا كان الغشاء المخاطي بليداً أثرت فيه تأثيراً حسناً لأنها تذهب بما تبلد من نسيجه وشاخ من حويصلاتها فيظهر من تحتها حويصلات آخر أقوى على العمل واقدر على الإفراز فيشعر المر بالجوع ويستطيب الطعام وربما تناول منه شيئاً حتى إذا زالت بلادة الغشاء المخاطي واستمر استعمالها زمناً طويلاً أثرت فيه تأثيراً سيئاً لأنها تفعل عند ذلك في حويصلات جديدة وغشاء جديد يتآكل على كرور الأيام ويتقرح على مرور الزمن فيحدث من ذلك عسر الهضم وفقد شهوة الطعام.

أما ما يراد منها التخدير فهو أيضاً نفس ما يراد بغيرها من المخدرات كالأفيون والبنج وغيرهما من العقاقير الطبية فإذا مرت بالقناة الهضمية خدرت ما تتصل به من ألياف العصبية ولا سيما الألياف المحيطة بالأوعية الدموية في توزيع الدم وانتشاره في الجسم انتشاراً يضمن لكل عضو حقه من الغذاء فإذا تخدرت بالكحول أو بغيره من أنواع المخدرات اضطراب نظام الجهاز الدموي واختل ناموس توزيع الدم فيجري إلى حيث تخدرت هذه الألياف العصبية ويتجمع فيما تحيط به الأوعية الدموية التي تتمدد جدرانها وتتسع مساحتها فيحتقن فيها الدم احتقاناً يبعث في القناة الهضمية نشاطاً على العمل فيشعر المرء في الجوع ويستمرئ الطعام وربما تناول منه بها ضعف ما يتناوله بدونها إلا أن احتقان مرضي حاصل من تخدير الألياف العصبية ولا يخفى بان التخدير هو نوع من الشلل فإذا تكرر مراراً عديدة حصل على الشلل التام والاحتقان الدائم وذلك يفضي إلى الزكام الحاد والالتهاب المزمن وكلاهما من أسباب عسر الهضم هذا ما يعلل به عما تحدثه الأشربة الروحية في القناة الهضمية من النفع الذي ينقلب إلى ضرر وذلك بما فيه من خاصتي التخدير والإحراق أما ما يعزى إليها من التنبيه اثر استعمال شيء منها مسبب عن احتقان الدم الحاصل من تخدير الألياف العصبية فالإدمان يفضي إلى نتيجة واحدة لان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015