مجله المقتبس (صفحة 6064)

من المتحف البريطاني بلندن والمكتبة الأهلية في باريس وهناك أجزاء متفرقة مبعثرة توجد اليوم في مكتبة برلين ومكاتب الأستانة العمومية وفي المكتبة الخديوية وبعض خزائن أعيان العراق وهذا السفر النافع فريد في أبحاثه وحيد في تبويبه وترتيبه ولم يقصره المؤلف على الشؤون التاريخية وسرد الواقع والأخبار بل ملأه بكل شاردة وواردة تتعلق بالتاريخ والجغرافيا والتراجم والآثار فهو سفر تاريخي جغرافي أثري يغنيك عن البيان أن مؤلفه ذلك الحبر العلامة الذي طبقت شهرته الخافقين وقد لخص هذا الكتاب الضخم أحد علماء القرن الخامس مسعود بن محمد البخاري بعد أن زاد عليه شيئاً كثيراً من الحوادث والأخبار التي عرفها بنفسه واعتمد فيها على أمهات الكتب التاريخية وهناك عدد كبير من مؤلفات المتقدمين في أحوال بغداد عروس البلاد الشرقية كتاريخ بغداد لأحمد بن طيفور البغدادي وهو أقدم تاريخ لدار السلام وكتاب - البيان - تأليف أحمد بن محمد بن خالد البرقي الكاتب الكبير وهو حافل بمحاسن دار السلام وذكر أطلالها ودوارسها وهذا ما يدل على مبلغ عناية المتقدمين بأحوال هذه العاصمة الكبرى ولو أردنا أن نستقصي كل ما ألف في هذا الموضوع لاحتجنا إلى مجلد ضخم ولما دخلت عصور الحروب والكروب والفتن والمصائب اشتغل الناس بحالة البلاد السياسية عن التأليف ومزاولة العلوم حتى قل من كتب عن بغداد في القرن الثامن والتاسع والعاشر أو سعى إلى تدوين ما تعاقب عليها من الأدوار التاريخية ولولا عناية بعض الأسر الكريمة كأسرة الألوسي والسويدي والحيدري بتاريخ البلاد واحتفاظها بما عثرت عليه من الآثار القديمة ونبوغ أبنائها واشتغالهم بالتأليف والتصنيف لبقي ذكر هذه المدينة خاملاً ولنوسي تاريخها واضمحلت آثارها وفقدت مكانتها.

وقد اشتهر في القرنين الأخيرين جمهور من كبار العلماء المدققين الذين عاهدوا الله على خدمة الأمة والدين والوطن بعقولهم ومواهبهم وهم الذين أوجدوا هذه الحركة العلمية المباركة وأحيوا ميت الآمال وبعثوا في النفوس الخاملة عوامل السعي والعمل فقام من بينهم المؤلف الفاضل والفيلسوف الكامل والفقيه المحدث والمفسر الكبير والمتشرع الخطير والكاتب النحرير وكل منهم سار في الطريق التي اختارها لنفسه وحصر أوقاته في إتقان العلم الذي رغب فيه فغصت بتلامذتهم أندية العلم والمدارس وازدهت بهم دار السلام فعاد إلى البلاد رونقها وبهاؤها وكان من جملة المصنفين في تاريخ بغداد ثلاثة أعلام: 1 -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015