للأفلاق والبغدان ما تريدان من الاتحاد الوطني فانتخب لهما أمير واحد وهو إسكندر كوزا (1859) وبعد سنتين أعلن هذا الأمير وحدة الإمارتين وأن يكون لهما مجلس نواب واحد مركزه في بكرش (1861) وعند ذلك بدأ دور إصلاح في البلاد وأهمه إلغاء الاستعباد فشق ذلك على طبقة الأشراف أصحاب الأملاك وما برحوا يدسون دسائسهم حتى اضطروا أميرهم إلى التخلي عن إمارته سنة 1867 وجعل شارل هوهنزولرن ملكاً عليهم وكان من نتائج الحرب العثمانية الروسية سنة 1877 أن أضاعت رومانيا إقليم بسارابيا وتخلت عنه إلى روسيا لقاء إقليم دوبريجه ولكن استقلالها تم أمره 1878.
خلف البرنس شارل هوهنزولرن الأمير كوزا أمير الأفلاق والبغدان في 18 أيار 1866 عقيب تنازل هذا عن الإمارة ودخل بكرش عاصمة رومانيا باحتفال جرى له مثله في جميع البلاد التي اجتازها منذ الحدود وبعد ستة أشهر ذهب إلى الأستانة ليأخذ البراءة بتنصيبه على نحو ما كانت عادة السلطنة العثمانية مع أمراء الفلاق والبغدان منذ القديم ولكن الأمير الجديد أبدى شمماً في مقابلته لحضرة السلطان في قصر طولمه باغجه وحدثته نفسه أن ينزع عن بلاده حماية الدولة وكان أول عمل له استحصال رضا الدولة بافتراض رومانيا مبلغ ثمانية عشر مليون فرنك من باريز ولكن بشرط فاحش قضي عليها به أن تدفع 13 في المئة رباً فدفعت في ثلاث وعشرين سنة اثنين وثلاثين مليوناً وكانت أخذتها ثمانية عشر.
وطفق الملك شارل يبذل الصبر والأناة وحسن السياسة وبعد النظر والجرأة والروية واللين ما كان به للبلاد استقلالها ثم قوتها ثم نفوذها وكم من عراك دخل غماره فأوشك أن يودي فيه وما ملكت يداه وقد كاد يتخلى سنة 1871 عن العرش الروماني زين له ذلك الأمير بسمارك الألماني ووالده ولكن من الرجال من تنفعهم المحن وتقوي عزائمهم وتمتن أخلاقهم فلما قنط من حاله لم يبق أمامه سوى الثبات إلى النهاية فثبت وحل المجلس الذي كان يحول دون رغائبه فزال كل إشكال.
ولقد كتب في مفكراته الخاصة أن الأنواء العظيمة كانت تقذف بسفينتي صعوداً وهبوطاً ولكن الله حماني فلم أسلم النفس للغرق وأن البحارة لتريد عن رضا إلى اليوم أن تلقي بي من حالق ولكن قسماً منها يدرك بأن في استطاعتي أن أقود السفينة إلى مرفأ أمين فقد