والإسرائيليين واليونان والرومان والعرب وتوليهم مقاليد الحكم على هذه المدينة ولكن بإيجاز يكاد يكون مخلاً وكلام قليل على حماة القديمة وحدودها ونهرها العاصي ونواعيره وراحيته وجسوره ومحلاته وعدد نفوسه ومساكنه والجوامع والمدارس والمارستان والحمامات وأحوال حماة الجوية والصناعية والعمرانية وهذا استغرق نحو نصف الكتاب وهو بحجم الربع ثم تراجم مختصرة لبعض مشاهير ملوكها وفقائها وعلمائها وأدبائها استند فيها المؤلف على طبقات السكي وتاريخ ابن خلكان وتاريخ أبي الفدا والمحيي والمرادي وغيرها من الكتب المتداولة.
وأفيد ما في هذا الكتاب بعض ما نقش على أبواب المساجد والمدارس والمحال العامة منذ القديم من الكتابات وبيان ما هو معروف منها ومن أوقافها لهذا العهد ولو توسع في ذلك كثيراً لجاء في أحسن مرجع في بابه ولكنه اكتفى بما تهيأ له لأول وهلة والنظرة الأولى قد تخطئ وتراجم الرجال لا تشبع غليلاً لأن منها زاد بإيراد شيء من شعر المترجمين ومنه مالا يفيد لأنه خال من نكتة تاريخية وأدبية وليس فيه إلا ما يورث الترجمة طولاً على غير طائل فأي فائدة مثلاً من نقل ما قيل من المراثي في صاحب حماة أبي الفدا وإهمال التوسع في ترجمته وهو ثاني المأمون بخدمته للعلم والآداب لم يشرف حماة بنسبته إليها بل شرف الشام والعالم العربي فمن كان بهذه المثابة جدير بان يتوسع في ترجمته لا أن يكون حظ أديب من العناية أكثر منه وهذا ليس له إلا شعر قد يكون ضئيلاً لاجزالة فيه بل أي فائدة من ترجمة أصحاب الكرامات والتنويه بمن كانوا يعتبرون الرؤيا ووسمهم بأن ذلك من الفنون ومن أصحاب هذه التراجم ما لوحظ فيه على ما يظهر إرضاء بعض العامة والأعيان والتاريخ لا يكتب على الهوى وإذا لم يستطع المرء أن يترجم الأسلاف إلا بما يمليه الأخلاف فالأولى به أن يطوي تاريخه لينشر بعده خالياً من أعراض هذه الأغراض. وقد وقعت للمؤلف غلطات منها مطبعية ومنها لغوية وصرفية ومنها جغرافية تاريخية كنا نود أ - ن يعرى منها هذا المختصر مثل تذكيره للبئر ص15 وهي مؤنثة وتذكيره للحما وهو مذكر.
ومثل ذلك ما رقع في الرسم وأغلاطه النحوية والطفيفة الدالة على تساهل كقوله (ص59) ثلاث أميال. ثلاث أقضية و (ص23) ثمانية ساعات والصحيح ثلاثة أميال ثلاثة أقضية