ومن الحوادث التي جرت في القرن الأول للميلاد في سورية اختلاف أرشيلاوس خليفة هيرودس مع اليهود في اليهودية إحدى أقسام الأرض المقدسة وقتله منهم في يوم واحد ثلاثة آلاف رجل وحدوث انشقاقات كثيرة وتحزبات متنوعة بين الأهلين وهياج الشعب وقتل كثيرين من اليهود ونهب هيكل أورشليم وإحراق الرومان رواقه. ولم يقتصر النزاع في ذلك العهد على اليهود بل كان له نصيب كبير مع اليهود والمجاورين لهم من الأمم.
وفي 16 أيار مايو سنة 66 للميلاد أضرم فلورس الوالي الروماني نيران الحرب مع اليهود فأكثر من السلب والنهب في أورشليم وقتل يومئذ ثلاثة آلاف وستمائة نفس وصلب عدداً من وجوه اليهود. ثم تغلب اليهود في أورشليم على الرومانيين وفتكوا بكثير منهم وتمكنوا من إخراجهم من المدينة في 17 أيلول سبتمبر سنة 66 للميلاد. ولما اتصلت بالسوريين أخبار قتل اليهود جنود الرومان يومئذ قاموا بإيعاز من ولاة الرومانيين على اختلاف طبقاتهم ونزعاتهم في كل مدينة ينكلون بالأمة اليهودية فقتلوا منها في بيسان 13 ألفاً وفي عسقلان ألفين وفي عكا ألفين وفي قيصرية ثمانية آلاف وأربعمائة نفس. ولقد جرى في كثير من مدن سورية وبلدنها نفس ما جرى في أورشليم فاشتد الخصام وكثر القتل والسلب وقل الأمان في ذلك الأوان.
ثم انقسم اليهود أقساماً في عهد ولاية يوسيفوس اليهودي على الجليل وهو المؤرخ الشهير المولود سنة 37 ق. م. وبداعي أحزاب اليهود الثلاثة وكثرة الاختلاف بينهم أحرقوا من مؤونتهم في أورشليم إذ كان الرومان يحاصرونها وفي عيد الفصح سنة 70 للميلاد حاصر طيطوس الروماني أورشليم وبعد أن أذاق اليهود داخل المدينة - أورشليم - أنواع العذاب والجوع والاضطهاد ألواناً فتح الرومان المدينة في 10 آب أغسطس سنة 70 للميلاد. ولقد أحرق الرومان أورشليم إذ ذاك ودمروا مدن اليهود وجعلوها خراباً إباباً وسبوا اليهود وأعملوا السيف في رقابهم. وكانت سورية في ذلك العهد قائمة من كثرة الانقسامات والفظائع التي جرت في ديارها التعسة. فقاسى السوريون في ذلك العهد ألوان العذاب من أجل النفوس الطاهرة التي ذهبت فريسة الأنانية والاستبداد والاعتساف والحيف والخصام والشقاق.
وفي القرن الثاني حارب اليوس ادريانوس الحاكم الروماني في سورية يومئذ الشعب