مجله المقتبس (صفحة 5893)

ميزته.

امتازت روميا بكثرة كنائسها العجيبة كما امتازت بكثرة عيونها وكثرة تماثيلها في كل جادة مما يستهوي الغريب ويستدعي دهشته كما امتازت جنوا بمقبرتها لتفنن الجنوبيين منذ القديم لتصوير الأموات على الرخام وهم بين أهلهم وفي آخر ساعات حياتهم والمقبرة هناك 3 طبقات كما أن أكثر الأبنية هي الآن في إيطاليا 6 طبقات ويضيق المقام لو أردت فقط الألم لما في روميا وحدها من العاديات والقصور ولا سيما حديقة بنشيو العامة فإنها خصت لكل أنواع الملاحة والراحة وهي مجمع الحسان الرومانيات كل عشية وفيها تتجلى عظمة الطليان وتتبدى طبقاتهم الاجتماعية وكل ما يقع نظرك عليه في هذه المدينة الأزلية صاحبة المدينتين الرومانية والنصراني تقرأ فيه روح التفنن وتقدير العلم والنشاط وحب التسامح إلا قليلا دخلت مع أحد إخواني من مستشرقي الطليان لازور كنيسة البانتويون فدهشت لما رأيت واليك البيان: كنيسة البانتويون هي الكنيسة الوحيدة الباقية من عهد روميا القديمة بنيت معبدا في سنة 27 قبل المسيح ولما رسخت قدم النصرانية في رومية جعلت كنيسة وكان يشترط على كل شيخ في مجلس الشيوخ في القرن الثامن للميلاد من جملة ما ينبغي له الاحتفاظ به كنيسة البانتويون. وكان يدفن بها بعض قديسيهم وأعاظم رجال الدين عندهم وماراعني إلا وقد رأيت إلى جانب أضرحة رافاييل المصور النقاش التوفي سنة 1520 والمصور دانيال كاراشي المتوفى سنة 1609 وغيرهما من كبار المهندسين والمصورين الطليان ضريح الملك فيكتور عما نوبل الثاني المدعو أبو الوطن لأنه أقام الوحدة الايطالية وخلف لذريته من بعده التاج الايطالي بعد أن كانت أسرته لا تحكم على غير إقليم البيمون فقط وضريح ابنه همبرت الأول والد الملك الحالي الذي اغتيل سنة 1900

نعم أعجبت لضريح المهندس والنقاش ويكون في مقام التكريم إلى جنب القديسين والشهداء وهذا في تلك القرون التي كنا نظن فيها أوروبا متوحشة وراقني أن يجيء ملوك ايطاليا اليوم ويحبون أن يدفنوا إلى جنب أولئك الصناع النوابغ. أن لحد بولس هو اكبر دليل على حب الباباوات لرجال الفنون الجميلة ولحد ملكين عظيمين إلى جنبهم هو أيضا مما يدل على روح التسامح الحديث وعلى أن لرافاييل ليس في مكانته في خدمة أمته ليس اقل من فيكتور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015