وقد بلغت ميزانية الحكومة من كل ذلك مليارين ومائتين وستة عشر مليون فرنك في سنة 1911 في قسم النفقات ومليارين وثلاثمائة وأربعة ملايين في قسم الواردات.
أصيبت ايطاليا بأزمة سياسية شديدة سنة 1890 أثرت في ماليتها كل التأثير فكان شان المضاربين على الأراضي للبناء في المدن الكبرى شانهم في مصر منذ بضع سنين فقدوا ثرواتهم إلا قليلا بسقوط أسعار تلك الأراضي وذلك لان بعض المدن الايطالية أرادت أن تجدد أبنيتها على الطراز الحديث فأخذت طائفة كبيرة من أبناء الأسرات القديمة ومنهم من يعتقد بان له الكفاءة في كل شيء يبتاعون من تلك الأراضي والأبنية القديمة للهدم فكان بها خرابهم وخراب كثير من أرباب رؤوس الأموال الصغيرة ومن المصارف وبسبب هذه الأزمة عرض الوزير كريسبي الايطالي على البرنس بسمارك الألماني أن تكون ألمانيا وايطاليا يدا واحدة فأحست فرنسا بالمر من الغد فلم تر أحسن من إخفاق مسعى ايطاليا وأشغالها بقطع الموارد المالية عنها وكانت ايطاليا إذ ذاك لا تعتمد في افتراضها وتجارتها إلا على بيوت المال والتجارة في باريس فاخذ هؤلاء يرفعون ثقتهم من ايطاليا ويشمون عليها بالمال فحدثت تلك الأزمة التي منشأها الحقيقي من أناس ما خلقوا ماليين ولم يستعدوا لمعاناة الشؤون المالية بالعمل.
وعلى العكس كان من قانون الوراثة والمحيط أن هيا الإسرائيليين ليعملا أعمالا عظيمة في ايطاليا وللإسرائيليين اختصاص بالشؤون المالية ولا نجاح إلا بالإحصاء.
فإنهم اختصوا بالتجارة ومعاناة المال فنشأت مهارة لهم لا نظير لها وقد بقيت سلطة الأب على أولاده محترمة عندهم بخلاف القوانين الحديثة الاجتماعية التي قللتها عند غيرهم وترى النظام في بيوتهم التجارية والصناعية أتم مما هو عند غيرهم والاعتصابات قليلة وأعمالهم ناجحة أكثر مما عداهم لأنهم يحسنون الانتفاع من القوى والأشياء أكثر من كل الطوائف ومنشأ ذلك كونهم كان مضطهدين فاحظروا ببطء صفات يولدها الاضطهاد فيمن يؤخذون به. وهذه الصفات هي قوة المقاومة والشعور بالتضامن واللين والمرونة في أسباب الحياة.
وعلاوة على ما للإسرائيليين في ايطاليا من النفوذ العظيم الاقتصادي قد كان لهم في المسائل السياسية مكانة لا تنطبق مع قلة عددهم ولكن لها ما يشفع بها بما قاموا به من