مجله المقتبس (صفحة 588)

صفحة تاريخية في سورية

انقضى من الخليقة إلى الطوفان 2243 سنة حسب الترجمة السبعينية و1656 سنة حسب النسخة العبرانية. وأقدم مؤرخ يلم بتاريخ الجنس البشري في هذه المدة الطويلة هو موسى الكليم. ولم يذكر موسى بمكانة البشر من الحضارة والعمران في تلك الحقبة التي كانت بين الخليقة والطوفان. فقد دون موسى الخمسة الفصول الأولى من سفر التكوين - أحد أسفاره الخمسة - وهي لا تبحث إلا عن الخليقة وعن آدم وحواء وعن قابيل وهابيل وعن الآباء العشرة وعن كثرة شرور الإنسان التي أدت إلى الطوفان.

ولد الإنسان الأول - آدم - في ما بين النهرين أو في أرمينية على ما يرجح علماء هذا العصر وعاش 930 سنة. وولد شيث لسنة 130 آدم حسب النسخة العبرانية وعاش 912. وولد انوش سنة 235 وعاش 965. وولد قينان سنة 325 وعاش 910. وولد مهللئيل سنة 395 وعاش 895 سنة. وولد يارد سنة 460 وعاش 962 سنة. وولد اخنوخ سنة 622 وعاش 365 سنة. وولد متوشالج سنة 687 وعاش 969 سنة. وولد لامك سنة 874 وعاش 777 سنة. وولد نوح سنة 1056 وعاش 950 سنة.

هؤلاء هم الآباء الأولون العشرة من الخليقة إلى الطوفان. ولم يذكر موسى عنهم سوى سني حياتهم وأن لامك كان أول من تزوج أكثر من امرأة وأن ابنه يابال كان أباً لساكني الخيام ورعاة المواشي وأن أخاه يوبال كان أباً لكل ضارب بالعود والمزمار وأن توبال قايين كان الضارب كل آلة من نحاس وحديد. قال ابن الأثير المتوفى سنة 1233م أن مهللئيل كان أول من استخرج المعادن وشاد الأبنية في العالم. وقال غيره من مؤرخي العرب كابن خلدون المتوفى سنة 1405م وكأبي الفدا المتوفى سنة 1331 أن الأب الثالث انوش كان أول من أوجد المحاكم وأوصى بالإحسان بين البشر.

أما ما وجده المتأخرون محفوراً على القبور والصخور وجدران الأبنية من الخطوط المصرية المعروفة بالهيروغليفية والخطوط المسمارية فكان بعد الطوفان.

لا مشاحة في أن سورية كانت مأهولة بولد آدم قبل الطوفان. والحجة على ذلك لا الظنون التي جعلها بعضهم حقائق ودونت في بطون الأوراق ولا الأوهام والتقاليد التي تناقلها الخلف عن السلف وجعلها بعض الباحثين ذات أهمية كبرى هي أن سورية متاخمة لما بين النهرين والفاصل بين البلادين سهول واسعة ومروج خصيبة وأن تلك المدة الطويلة التي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015