أوضاع الأنقاض القديمة بطعم الجديدة في مجموع حوى المتناقضات حيث لا يمكن التبوء على التحقيق فيما سيزول أو يبقى قائماً وهكذا من الصفات المشوشة في الحياة السياسية في انكلترا الحالية.
تكلم المؤرخ على سياسة الأحزاب بعد إخفاق أعلام نابليون الأول وتاريخ الانقلابات الفرنسوية أشبه بتاريخ الانقلابات العثمانية ولعلنا نحن المقلدون لها المتشعبون بآراء أهلها. مثال ذلك معاملة حكومة فرنسا للجرائد هناك بعد سنة 1819 وما أصدرته من القوانين لإرهاقها فقد جعلت على الصحف ضمانة باهظة وضربت عليها كما في الصحافة الانكليزية ضريبة وضع طابع بعشرة سنتيمات عن كل نسخة وخمسة سنتيمات أجرة البريد ولم تكن تباع الجرائد أعداداً مفردة بل لم يكن لها سوى مشتركين بأسعار غالية إذ انه يقضي على كل نسخة ان تدفع 15 سنتيما ضريبة. وكان الاشتراك من علائم الظرف خاصاً بالكبراء أو أهل اليسار وربما اشتراك بضعة منهم ليتقاسموا قيمة الاشتراك بينهم وكانت الصحف قليلة جداً ثلاثة أو أربعة لكل حزب ومجموع ما يطبع منها نحو سنة 1830 لم يتجاوز الخمسة عشر ألفاً. وقد جاء في تقرير سري سنة 1824 ان مجموع عدد نسخ الصحف السياسية المعارضة بلغ 41 ألفاً ومجموع ما تطبعه الصحف الموالية للحكومة 15 ألفاً. وقد عدوا من علائم النجاح الكبير سنة 1830 ان كان عدد مشتركي جريدة الكونستيتوسيونل 23 ألفاً وما كانت هذه الصحف تحتوي إلا على مقالات سياسية وأدبية غير موقع عليها على الطريقة الانكليزية وقد عدوا انقلابا شروع جريدة البريس بنشرها سنة 1836 مقالات في موضوعات مختلفة وعد من العار العظيم ما أتته جريدة البريس من نشر إعلانات مأجورة لتغطية نفقاتها وكانت الجرائد على عهد الحكومة الملكية غالية الثمن فارغة من المادة متشابهة المآل قلما تشبه صحف هذه الأيام ومع هذا كان لها بعددها القليل تأثير كبير في مشتركيها وإذ كان الفرد لا يطالع سوى جريدته كان رأيه رأي جريدته فقط.
سن مجلس النواب الفرنسوي سنة 1822 قانونا للصحافة يقضي باستحصال رخصة قبل إنشاء الجريدة وان يكون للحكومة الحق بإيقافها وان تنظر في دعاويها محاكم عادية مؤلفة من حكام مستقلين عن الحكومة وألغيت المراقبة ولكن الوزارة يحق لها ان تعيدها بأمر منها