1 تمهيد
لغتنا قليلة الاصطلاحات بالنسبة إلى العصر فشوها وزهوها وغضارتها إلا إن الذي وصلنا منها جاءنا مبهماً أو ناقص التعريف والتحديد أو مصحفاً ومحرفاً. وهنا الطامة الكبرى والبلوى العظمى. ومن هذا القبيل الكلمة التي نريد إن نبحث عن حقيقتها وهي راعية الخيل فقد جاءت في كتبهم مصحفة بصورة راعية الجبل فهل هذا التصحيف مقبول؟ - قلنا:
2 قول اللغويين في هذه الكلمة وأسماؤها المختلفة
قال في القاموس: راعية الجبل: طائر. ولم يزد على هذا القدر. وقال في المخصص 8: 155: الراعية يقال لها: راعية الخيل: طائرة صفراء صغيرة تراها أبداً تحت بطون الخيل والدواب كأنما خضب جناحاها وعنقها بالزعفران فيها كدرة وسواد وظهرها أصفر وزمكاها لا طويلة ولا قصيرة. وقال صاحب تاج العروس: راعية الجبل كذا في النسخ. والصواب: الخيل بالخاء المعجمة والتحتية كما هو نص التكملة: طائر أصفر يكون تحت بطون الدواب. هكذا هو في التكملة. وقال النضر بن شميل: طائرة صغيرة مثل العصفور تقع تحت بطون الخيل والدواب صفراء كأنما خضب عنقها وجناحها بالزعفران وظهرها فيه كدرة وسواد ورأسها أصفر وزمكاها ليست بطويلة ولا قصيرة. انتهى. فأنت ترى من هذه النصوص أن صحيح الرواية هو راعية الخيل لا راعية الجبل لأنها ترعى هناك أرواثها كما هو مشهور عنها وإما في الجبل فلا يمكنها إن ترعى فيه شيئا إذ لا ترى فيه إلا الخضرة إن كانت هناك خضرة والخضرة لا تفيد هذه الطويئرات فائدة ولهذا يظهر لك فساد هذا التصحيف إذ تتضافر روايات اللغويين الكبار مع الدواعي العقلية على تأييد هذا اللفظ أي راعية الخيل ودفع الرواية المصحفة وهي راعية الجبل.
وقال التاج في مستدرك ر ع ي: والراعية: طائر. ورعاءة الخيل: لغة في راعية الخيل. عن الصاغاني. قلت أنا: أما الراعية فهي نفس راعية الخيل كما تقدم نصه من عبارة صاحب المخصص إذ جعل الراعية وراعية الخيل شيئا واحدا. وإما رعاة الخيل فقد قال اللغوي الانكليزي لين صاحب مد القاموس: هكذا وردت هذه اللفظة بدون ضبط في تاج