خطب ارنست لافيس من مشاهير علماء الاجتماع والتاريخ واحد أعضاء المجمع العلمي الفرنساوي في إحدى المدارس الفرنساوية خطبة في حقيق الوطن قال فيها:
الوطن أرض ينزلها أناس يخضعون لنظام واحد. ولقد صرفت العناية الكبرى لتأليف مثل هؤلاء الجماعة وتحديد مثل هذه الأرض. حتى أنك لترى الأقاليم المتنائية التي هي اليوم خاضعة لسلطان واحد تكاد تكون متحدة في ميولها ورغائبها بعد أن كانت من قبل مشتتة. جاء زمن كان فيه إقليم بيكارديا (من أعمال فرنسا) أبعد عن إقليم برتانيا وإقليم برفانس (فرنسا) مما ترى عليه اليوم فرنسا بعيدة عن أميركا والهند. ولطالما عملت الطبيعة ثم السياسة ثم الحديد ثم النار ثم العقل والقلب قروناً عديدة حتى هيأت لنا هذه الأرض التي نسكنها والسماء التي تظلنا.
علمكم التاريخ كيف عمل ملوكنا لتأليف أجزاء المملكة الفرنسوية فضموا أشتات ولاياتها واحدة بعد أخرى فكانت أول صلة ربطت إقليم بيكارديا بإقليم برتيانيا وإقليم غاسكونيا بإقليم بروفنسيا وغيرها. إنها خضعت لملك واحد فأصبح آباؤنا بأسرهم فرنسويين لأنهم صاروا كلهم رعايا ملك فرنسا فكان بذلك أول اجتماع وطني وهو اتحاد الجميع في الطاعة لملك واحد. فاهتم الشعب لما يصدر عن الملك من الأعمال وراح أجدادنا يتحدون يداً واحدة في الأعمال الحربية فقدموا لذلك مالهم ومهم فكان إذا كتب النصر لملك الفرنسيس تغتبط الأمة بأسرها وتسر وإذا نكست أعلامه تبتئس وتكتئب. وتأصلت العادة في النفوس بأن تضطرب لأنر واحد في ساعة واحدة فنشأ في ذلك في بلادنا شعور وطني.
ثم تجلت مظاهر الاجتماع بما أنتجته العقول من الأعمال فأحدثت الأمة الفرنسوية لغتها. فإن كنا اليوم نتكلم بلغة هي من أجمل لغات العالم فذلك لأن أجدادنا قد بذلوا كل نفس ونفيس قروناً عديدة حتى يجعلوها في هذا الجمال والقبول. فعلم الأدب هو بمنزلة الاعتراف العام في أمة تودعه تصوراتها في الوجود وتصوراتها في الإنسان. وكانت الآداب الفرنساوية ترجماناً عبر فكر فرنسا وأخلاقها الخاصة بها وجعل من الجماعة التي ضمت السياسة شملهم جماعة زبطت بينهم الأخلاق.
مضى زمن طويل كانت فيه فرنسا متفقة مع مليكها في الأفكار وذلك لاعتقاد الفرنسيس أن الملك كان نائب الله تعالى عَلَى الأرض يجب حيه وخدمته كما يحب المولى ويطاع.