وإن غض منهم خوضهم في ضلالهم ... وشعث منهم سعيهم بالنمائم
تعرض سيف. وانبرت بندقية ... ودافع عنهم مدفع غير واجم
وذلك ما يدلي به القوم إن كبت ... بهم حجة أو عز قمع مخاصم
جهلنا ولم ندرك حقيقة أمرهم ... وران عَلَى الألباب ريب المزاعم
كنار يجول الليل دون دخانها ... فيخفى ويبدو ضوئها غير قاتم
فيا ليت أسرار الطبيعة لم تزل ... محجبة في الغيب عن كل عالم
فلا يرفع البارود في الناس صوته ... ويبرم فيه حكمه غير راحم
ولا تذر الأرجاء مخترعاتهم ... تموج بأنواع الحتوف الغواشم
فنقنع في الجهل الذي فيه راحة ... وننعم في غي الظنون الرواجم
فلا يزرع (العلم الحديث) عن الهوى ... نفوساً أبت إلا ركوب المظالم
فما هذبوا بالعلم إلا سلاحهم ... ويا ويح علم بات معول هادم
يصب عَلَى البلدان صوت عذابه ... وينسف فيها كل عال وقاتم
ويعصف بالأرواح في كل غارة ... تقام بها الأعراس بين المآتم
يقولون - هذا القرن - تم شبابه ... فهذا ربيع الدهر جم المواسم
وحسبك (بالعشرين) طيشاً وخفة ... تجر عَلَى الإنسان شل المغارم
فيا رب قد كنت (لآدم) وحده ... جنانك ما من كاشح أو مزاحم
يروح ويغدو في النعيم مسبحاً ... بحمدك مغموراً بفيض المراحم
فما هي إلا هفوة منه مرة ... فأصبح ذاك المجد أضغاث حالم
فهل جنة من بعد هذا لنسله ... وقد هتكوا بالبغي ستر المحارم
وبات طلاع الخافقين فجورهم ... ولم يقرعوا من أجله سن نادم
ففجر من الطوفان ثجاج مائه ... ليغشل عنها رجس تلك المآثم
أجل!! أنت عدل!! تلك آثار (تدمر) ... (وبابل) في طي المدى المتقادم
وقد باد ملك الروم إلا رسومه ... وكم قيل ملك الروم غير مقاوم
وكم شحذ اليونان رأياً مسدداً ... فطاش بهم عند الخطوب الدواهم
وذلك ما زاد التفجع والأسى ... وعلمان كيف احتقار العظائم