الخاصة متعلمين في مدرسة فرنسا متبعين بأفكارها ودارسين آدابها وهذا أمر سهل لأنا إذا آثرنا التربية الإفرنسية فذلك لأنها توافق عقولنا وميولنا أكثر من سواها. وقال أن عَلَى فرنسا ألا تنسى ما قدمت لسورية وتختار من رجالها من يحسنون تنمية تلك البذرة من المدنية التي بذروها في تربة الشام.
والخلاصة أن الكاتب تساهل جداً في تسرب التربية الإفرنسية إلينا مما هو ولا جرم مدرجة إلى ضياع مشخصاتنا وقوميتنا وقوله أن التربية الفرنسوية موافقة إلى ميولنا ودرجة عقولنا فيه نظر لأن من نشأ عَلَى التربية التركية أو التربية الأميركانية أو الإنكليزية أو التربية الروسية أو الرومية من أبنائنا يدعون هذه الدعوى أما نحن فالأجدر بنا أن نأخذ عن كل أمة من أمم أوربا ما عندها من الفضائل والصناعات والعلوم ونكون لنا مع الزمن مدنية عربية وطنية تلتئم مع الكل لكنها ليست لأحد.
وقد لاحظنا عَلَى المؤلف أن قد غالى في تقدير عدد الموارنة في سورية بأربعمائة وخمسين ألفاً والظاهر أنهم لا يزيدون عن ثلثمائة وخمسين ألفاً عَلَى أن الإحصائيات ناقصة في هذا الباب كما قال. كما أنه غالى في ترجمة بعض الأشخاص فقد رأيناه قال في أحدهم أنه فوق الأحزاب وأنه لم يخدم إلا المصلحة العامة وما قط فكر في نفسه ولو تعمق في البحث لعرف أن الواقع يخالفه وليس مثل كلام المرء وأعماله دليلاً عَلَى نياته ومبادئه. وقد تفضل الصديق المنشئ فاستشهد بقولنا في ارتقاء المسيحيين عن جيرانهم المسلمين وهو الفكر الذي طالما جاهرنا به ولكنه فاته أن في المسلمين والمسيحيين أيضاً من رجالاً من أبناء سورية عملوا للمصلحة العامة وخدموا الآداب والمدنية بكتابتهم ورسائلهم وكتبهم أمثال الشيخ طاهر الجزائري والسيد عبد الرحمن الكواكبي والشيخ محمد بدر الدين النعساني والشيخ أحمد رضا والشيخ سليمان الظاهر والشيخ أحمد عارف الزين وزكي بك مغامز وعبد الله أفندي مخلص وجرجري أفندي يني والشيخ عبد القادر المغربي والدكتور عبد الرحمن شهبندر وفارس أفندي الخوري وعبد الوهاب بك الإنكليزي وشفيق بك المؤيد وشكري بك العسلي وقسطاكي بك الحمصي ومحمد علي أفندي حشيشو وغيرهم من حملة الأقلام ودعاة الإصلاح ولعله لم يلم بتراجمهم إلماماً كافياً فاقتصر عَلَى من عرف منهم.
بساط العقيق