مجله المقتبس (صفحة 5481)

وكذلك كان.

ففتح الأندلس وإن أورث العرب ذلاً في الآخر فقد أورثهم عزاً وأي عز في الأول واستفادة أوربا كلها من حضارة الإسلام باحتكاكها بالأندلسيين العرب ووقوفها عن أمم عَلَى علومهم وآدابهم وصناعاتهم وزراعتهم ومصانعهم فالأندلس كانت أو فتح للمسلمين في قارة أوربا انتهت بإجلائهم عنها كما كان فتح العباسيين في جزيرة صقلية سنة212 كان من الأغلاط في الفتح فلم تدم في يد المسلمين سوى نحو قرنين ونصف فاستولى عليها الملك روجار سنة 485 هـ بعد أن انقطع إمداد المسلمين عنها لاشتغال كل جهة بما يخصها من الفتن.

هاتان الغلطتان لبني أمية وبني العباس فيفتح بلاد قصية عنهم انتهتا بإخراجنا عما ملكنا بعد قرون وبنو عثمان ارتكبوا مثل هذا الغلط في الفتح بأن توسعوا في مد سلطانهم شرقي أوربا بعد فتح القسطنطينية وتركوا لأهل البلاد المغلوبة حريتهم المذهبية ولغاتهم القومية فظلوا في حرب دائمة معهم لا تكاد تلقي أوزارها حتى فيوقد العدو أُوارها. واوربا لم تبرح تسر إخراجنا من قارتها منذ أزمان لاعتقادها بأننا شعب آسيوي لا يليق بنا أن نأوي إلى غير كننا إذ القاعدة عندهم أن أوربا للأوربيين كما أن أميركا للأميركيين ولكنا نشهد الآن ويا للأسف أن آسيا ليست للآسيويين وافريقية ليست للأفريقيين.

إن ما يسميه الإفرنج بالمسألة الشرقية يرجع في الحقيقة إلى امتلاك العرب أرض الأندلس وانتباه أفكار الأوربيين إلينا يرد عهده إلى اليوم الذي تقدم فيه جيش المسلمين إلى بوتيه من أرض فرنسا فهزم شارل مارتل جيش المسلمين في أزاخر الثلث الأول من القرن الثامن للميلاد. واكثر من ناصبونا العداء من الأوربيين في حروب الصليبيين هم فرنسا وألمانيا وبولونيا وبريطانيا وإيطاليا في الأغلب وكانت هذه الأمم إذ ذاك عَلَى مستو واحد تقريباً بقوتها ومدنيتها. وبحرية البرتقال والإسبانيول أعظم بحرية حربية للدول الأوربية في القرون الوسطى كما كانت أقوى بحرية تجارية في تلك الأزمان للبيزيين والطوسكانيين والجنويين أهل إيطاليا اليوم.

ولقد عرف إدوارد دريول المسألة الشرقية بما ترجمته: ملك الإسكندر الكبير البلاد الواقعة بين البحر المتوسط والبحر الأسود والصحراء من الغرب ونهر السند الأندوس من الشرق أي الطريق من أوربا إلى الهند وجاء بعده الرومان فلم يصلوا إلى نهر دجلة إلا نادراً وكان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015