رزقوا عقولاً لا تحب الحقيقة المجردة وفيها من المتانة شيءٌ كثيرٌ ولكنها قصيرة قصر سيوفهم نخدع بجسارة مجتمعنا الحاضر ونظن أننا أتينا أمراً فرياً. ولكل إذا رجعنا إلى الأمم التي كانت أعظم الشعوب في إشراك غيرها بثمرات الارتقاء البشري وكانت الموحدة الحقيقية للمدنية وأعمي بهم اليونان ومصر ولاسيما آشور يثبت معنا أن المرأة شاركت الرجل منذ العصور القديمة لا في الجمال فقط بل في البحث عن الحقيقة. والظاهر أن المرأة في تلك القرون التي كان فيها الرجال أقرب إلى الطبيعة بما خصت به من الإدراك هي الدليل البصير الفطري تقود الرجل في أبحاثه الطويلة المعقولة المدققة. ولقد تجلى تأثير النساء العرافات عند جميع الشعوب اليونانية الذين كانوا تلامذة كهنة بلاد آشور وكلدية. فقد كان الفيلسوف فيثاغورس ناشر تعاليم العلم الآشوري في يونان يحنو عَلَى امرأته تيانو الجميلة حنو حب وعبادة ومن فلسفته أن الرجل اختص بالعقل والقوة المنطقية والمرأة بالنظر العقلي فإذا كان الرجل في هذا العالم الغريب في أسراره مفكراً فإن المرأة ناشرة للأفكار.
وكان هذا الفكر الذي هو نتيجة الأزمان القديمة والمأثور عن كهنة الوثنيين والبابليين عَلَى الجملة جماع العلوم المأثورة عن البشر وهذا الفكر هو الذي تترجم عنه للجمهور أساطير اليونان ومصر وما كان للمرأة من الشأن في مواعظ الوحي الغريبة فكان النساء العذارى في غابة دودون المظلمة المختصات بعبادة المشتري هن اللائي يحسن التعبير عن اللغة السبيلية المنبعثة من البلوط المقدس وكان العذارى أيضاً في غابة سيكلوب عن عمد الكرنك يستقبلون حجاج المصريين الذين يسألون المولى تعالى. ولقد قام في دودون والكرنك عَلَى ما جاء في أساطير هيلاد ومصر فتاتان أُخذتا أسيرتين من مركب فينيقي وهما اللتان أنشأتا المعبدين وأصبحت كاهنتين وسماهما اليونان الرسولتين أي الناقلتين من بلاد القاصية الحقائق الجديدة.
الفلاح الغربي
يختلف التعليم في أوربا وأميركا باختلاف البلدان فتعليم البلاد التي تغلب فيها الصناعات غير تعليم الأقاليم الزراعية والكور التي يكثر بها التجار غير الكور الساحلية البحرية وتعليم بلاد الغابات غير تعليم بلاد البقول والزرع وأقاليم المعادن والمناجم غير تعليم