ميديسيس ولم يستعمله الناس كلهم إلا منذ نحو عشرين سنة بل كان خاصاً بالعظماء والعظيمات ولطالما أحبت إسبانيا وبولونيا وجزءاً من روسيا الشرقية اللؤلؤ وعدته من أنواع الزينة الوطنية ومنذ نحو عشرين سنة شاع استعماله في إنكلترا وإيطاليا شيوعه في فرنسا ثم اخذ ينتقل إلى جميع بلاد أوربا ويصل أميركا الشمالية والجنوبية والنساء يرغبن اليوم في اقتناء اللؤلؤ بحيث كادت الأثمان التي تبذل فيه تعد في فصل مالاً ينتج من رأس المال فأصبح مغاوص اللؤلؤ لا تقوم بما يطلب منها كل سنة حتى رأوا أن يبتاعوا القديم منه المستخرج من جمهوريات أميركا الوسطى وهو الذي يصاد في بنما وكوستاريكا فبلغت أثمانه عشرين ضعفاً مما كانت تساوي ويبتاع أهل إسبانيا وروسيا وبولونيا لؤلؤهم من الهند والصين فيرقبون أنلاس الراجات أو ملوك الهند بعض السنين ليخرجوا عن لؤلؤهم العظيم وإن كان يعوز عليهم ذلك كما يعز عَلَى الصينيين أن يبيعوا لؤلؤهم خصوصاً ما كان منه مدفوناً مع آبائهم وأجدادهم لأن العادة أن تدفن مع الميت جواهره وحليه ولا يلبث اللؤلؤ القديم أن يبتاع من المشرق فينقطع أثره وهذا السبب في غلاء ثمن اللؤلؤ فإن ما يعاد منه أصبح نادراً ولا يعاد اليوم إلا الصغير الحجم ففي سنة 1911 التي كانت من السنين الجيدة في صيد اللؤلؤ في الخليج الفارسي لم يستخرج سوى أربعين لؤلؤة تتجاوز الواحدة الخمسة والعشرين قمحة وهو أحسن موسم للؤلؤ في بحار العالم كله وتقدر قيمة ما يستخرج من الخليج الفارسي سنوياً من أربعين إلى ستين ملون فرنك ويختلف شكل اللؤلؤ بحسب أصدافها وقعر البحار التي تعيش فيها فإذا كان قعر البحر كلسياً جاء اللؤلؤ أبيض وإذا كان حديدياً جاء لؤلؤه ملوناً واللؤلؤ يستخرج وعن منطقة مستطيلة في بحار الأرض في خليج فارس إلى جزيرة مرغريتا إلى فنزويلا فمصايد أستراليا فمصوع وتاهيتي وبناما وكليفورنيا والجزائر الهولاندية وغير ذلك وخير الصدف ما استخرج من المصايد القديمة أما المصايد الحديثة فتنضب بسرعة ولا توازي العناء في الاستثمار.
قد يظن بعضهم أن من يصيدون اللؤلؤ أغنياء والحقيقة أن صائديه فقراء ويختلف عددهم بين ستين وثمانين ألفاً في شاطئ جزيرة العرب والمتجرون به من تجارهم الأغنياء لا يزيد عددهم عن خمسة عشر شخصاً ومصائد اللؤلؤ عَلَى 150 إلى 200 ميل من شاطئ بلاد العرب يقضون أعظم المشقات في صيده ويغوصون ثلاث دقائق في الغالب ومنهم من