دخلهم العشرين جنيهاً إنكليزياً عَلَى الدخول في غمار الفرسان. ولقب فارس عَلَى كثرة رغبة الناس فيه في فرنسا كان مزهوداً فيه كل الزهد في إنكلترا فيكتفي هنا أن يظل أشراف الإنكليز من حملة السلاح (سلاحدار) يعيشون في الفلاة متوفرين عَلَى حرث أراضيهم وما من فارق يميزهم عن صغار الأحرار في حين كان في فرنسا لمن أراد أن يكون شريفاً أن يكون من نشل أب شريف أما في إنكلترا فيرون شريفاً كل من كان له دخل كاف ليعيش برفاهية فإن المزارع الذي اغتني يصبح شريفاً. ولم يكن من فرق بين أشراف الحقول في القرن الخامس عشر وبين صغار أرباب الأملاك غير الثروة ولذا لم تصبح النبالة بالإنكليزية طبقة لا يدخلها غير أهلها مناقضة لسائر الطبقات كما في فرنسا.
العهد العظيم - كان الملك في إنكلترا قوياً والأشراف ضعفاء وهو عَلَى يقين بأنه ما من رجل من رعاياه يستطيع أن يقاومه ولذلك يسيء استعمال قوته فيضطر الأشراف أن يمدوه بالمال ويغتصب منهم أراضيهم وغلاتهم وماشيتهم ويسجنهم من دون ما سبب ويعدمهم بلا حكم. ولقد شوهد رجل يقتل لأنه ضرب أيلاً كان في غابة الملك وبقيت طريقة الحكم قرناً ونصفاً عَلَى هذا المنوال وانتهى الأمر بالبارونات أن بلغوا من الضعف مبلغاً لم يستطيعوا معه أن يقاموا منفردين بل اشتركوا ليقاموا تلك القوة يداً واحدة فاغتنموا فرصة كان فيها جان سان تر في حرب مع ملك فرنسا وحاجته ماسة إلى معاضدتهم فهددوه سنة 1215 بأن يتخلوا عنه حتى أكرهوه أن يقسم لهم أيماناً علناً بان يحترم في المستقبل جميع ضروب الحرية أي حقوق الرجال الأحرار في مملكته. وكتبت وعوده في عهد دخل في 63 ماجة ختمه الملك بطابعه وكان هذا هو الصك العظيم المرشد وإليك المادتين الرئيسيتين منه: لا يوضع مال جديد عَلَى جميع المملكة قبل أن يراجع مجلسها العام. لا يوقف رجل حر ولا يحبس ولا ينفى ولا يؤذى بوجه من الوجوه ولا نقبض ولا نأمر بالقبض عَلَى أي شخص إلا بحكم عَلَى الأصول بين أقرانه وبحسب عادة البلاد. وهكذا تعهد الملك (أولاً) أن يكف عن أموال رعاياه ويعف عن أخذ حاجاتهم إلا برضاهم (ثانياً) أن يحترم أشخاصهم بحيث لا يجازيهم إلا بعد صدور حكم عَلَى الأصول.
عَلَى أن هذا التعهد لم يخرج عن حد الوعد وما من قوة تحظر عَلَى الملك أن ينقضها وكثيراً ما نقضه إلا أن الملك عند جلوسه يجدد هذا الوعد (وقد جدد الصك العظيم 33