رفع نجيب أفندي نحاس المحامي إلى معتمد إنكلترا بمصر تقريراً باللغة الفرنسوية عن الموسيقى العربية قال فيه: يظن الأوربيون أن موضوع الموسيقى العربية فقير للغاية لا يستحق الاهتمام وهذا ناتج عن كون الموسيقى العربية غير متقنة في أيامنا هذه لأنه تنقصا قواعد التأليف وامتزاج الأصوات ولكن من تأمل ألحانها ألفاها غاية في الرقة واللذة وتأكد أنها بقية علم كان زاهراً في العصور الغابرة.
ولذلك سعيت منذ 15 سنة في البحث عن أصول هذا الفن الجميل ووقفت إلى مؤلفات مكتوبة بخط اليد ومحفوظة في أوربا ففي مكتبة المتحف البريطاني ومكتبة نظارة المستعمرات في لندن عثرت عَلَى 15 مؤلفاً باللغة العربية والفارسية. وكذلك في مكاتب باريز وفينا وميلانو وليدن فإنني عثرت عَلَى 14 مؤلفاً أخرى. وقد اتضح لي منها أن الموسيقى كانت زاهية زاهرة أيام الخلفاء. فاجتهدت في استخراج الأبعاد التي يتكون منها المقام العربي من القرار إلى الجواب فألفيتها 17 بعداً خلافاً للأبعاد الأوربية فإنها 12 بعد فقط. وقد أجمع المؤلفون الأوربيون عَلَى ذلك عدا بعضاً منهم فإنهم خالفوهم إلى درس ناقص في هذه المؤلفات. وضمن من كتبوا في هذا الموضوع فايتس وأبروس وكيزفيتر والبارون همر بورجستال ولاند والبارون كارا دي فو وألي سميث وىخرون وقد امتحنت الأرقام الحسابية بالطريقة الجبرية وبطريقة التونومتر وفحصت الآلات المحفوظة في متحف سوت كنسزنجتن الذي تكلم عنها كارل أنجل في كتابه الثمين عن ذلك المتحف.
ولما كان هناك فرق بين الأبعاد العربية والأوربية فلا يمكن إحداث الأنغام العربية عَلَى الآلات الأوربية ولذلك اهتممت بصنع بيانو شرقي في برلين وقد خصصت جانباً من سفري هذا إلى أوربا لتتميم هذا البيانو ومتى تم أسعى في طريقي اصطناع الآلات الأخرى كآلات النفخ الخشبية والنحاسية وقد وضعت طريقة لكتابة الموسيقى العربية بعلامات تكتب من اليمين إلى الشمال عَلَى سبعة اسطر لسهولة الاستعمال ومتى تم تركيب هذه الآلات سأؤلف جوقة تضرب وأؤلف أوبرا كوميك وما أشبه ذلك.
ولما كن ذلك يستلزم اهتماماً فائقاً مني وقضاء وقت طويل ومصاريف اصطناع هذه الآلات وإنشاء مدارس لتعليم الموسيقى العربية بحسب الطريقة العلمية التي سأدونها في الكتب الذي سأطبعه قريباً فقد فكرت في أن اشرف واضع مشروعي هذا تحت رعاية فخامتكم