إلى غرسة الزيتون فيحركها حتى لا يطلع جذعها وهكذا لم يبق من كل ما غرسه السلطيون إلا ما تشاهده اليوم في جوار القصبة وقليل ما هو.
قلنا عجيب تبدل تصورات الناس فرجال الحكومة بالأمس كانوا يحملون الناس عَلَى زرع الأشجار ويزينون لهم اقتناء الأراضي للزراعة واليوم يطالب الأهلون في هذا القضاء وفي غيره الراضي الموات ليحيوها ولا يعطون طلبتهم وكذلك الحال في كل مكان نزلناه في طريق يثرب فإن الأهلين أحسوا بفوائد الأرض هكذا رأينا أهل الشراة من عمال الطفيلة ومعان وهكذا سمعنا شكوى أهل الكرك وتبوك ومدائن صالح أجمع عَلَى ذلك الطلب الحاضر والبادي ولكن لا حياة لمن تنادي في حين ورد في قانون الأراضي أن كل من يحيي أرضاً مواتاً تبعد عن القرى والدساكر مقدار ما يسمع الصوت فهي له فأين هذا القانون المسطور من عمل الحكومة اليوم.
قرانا وجوه الهمة والنشاط في وجوه السلطيين مسلميهم مسيحييهم وإن كانت القاعدة في سورية كلها أن يكون المسيحيون أكثر نشاطاً وتعلماً من إخوانهم في الوطنية. وبلدهم هذا ساعدته الطبيعة فساعدها أهله أيضاً ودخل في طور العمران ويوشك أن يعد في جملة العظيمات من المدائن والبلدات.
وسكان مدين السلط اليوم نحو 16 ألف نسمة يبلغ المسيحيون منهم عَلَى اختلاف الطوائف نحو أربعة آلاف ومعظمهم إلى اليوم يلبسون زياً كزي أهل حوران وهو كوفية وعقال وعباءة وجزمة حمراء وعادات القوم هنا أشبه بعادات البادية مع أنهم حضر. وفي السلط قليل من الصناعة وتجارتها واسعة مع القبائل النازلة في البلقاء والرحالة في تلك الأرجاء وبين عمان عَلَى الخط الحجازي والسلط نحو خمسة وعشرين كيلومتراً جعل بعضه من جهة السلط طريقاً معبداً ومتى أكمل تسافر العربات والسيارات بين السلط والخط الحديدي في ساعتين وهي الآن أربع ساعات عَلَى الدواب وإذا تم اتصال السلط بالقدس بطريق معبدة تسير عليها المركبات أيضاً تعمر السلط عمراناً مهماً وهي عَلَى بعد 40 ميلاً إلى الشمال الشرقي من بيت المقدس و40 ميلاً إلى الجنوب الشرقي من نابلس ونحو 18 ميلاً شرقي الأردن.
ومن سوء حظ هذا القضاء أن معدن الفوسفات الذي نال امتيازاً بتعدينه من جبل السرو في