المدينة التي وسعها عَلَى هذه الصورة سوراً غليظاً ذا أبراج لا تزال ترى إلى اليوم بعض بقاياه وظلت المدينة أبداً في الوسط وهناك كانت الكنيسة الكاتدرائية (التي أصبحت بعد كنيسة نوتردام) ومقر الأسقف وقصر الملك (حيث جمع سان لوي فيما بعد مجلس نوابه وأصبحت دار العدل أو ديوان المظالم) وعلى الشاطئ الأيسر من ناحية جبل سانت جنيفيف طلبة المدارس ورجال الكهنوت الذين يختلفون إلى المدارس ومن هذه الجهة انتهى السور أمام طرف جزيرة تورنل ماراً بجبل سانت جنيفيف وامتد إلى نهر السين قبالة متحف اللوفر. وعلى الجانب الأيمن يبدأ السور قبالة المدينة وينتهي باللوفر. وكان السكان في هذه البقعة الضيقة يزدحمون حتى لا يضيعوا فراغاً عظيماً فكانت الأزقة ضيقة معوجة ومظلمة لا بلاط فيها ولا نور. وليس فيها بوليس تقرع كل مساء علامة الانصراف إلى البيوت فيعود الأهالي الوديعون إلى منازلهم ويغلقون أبوابهم وكانت الأزقة عرضة للصوص والمتشردين من كل جنس ومن خطر الجلل أن يلقي المرء نفسه في التهلكة باجتيازها.
وما كان لمدينة بايز إدارة عامة بل كانت مبنية عَلَى أرض شطر منها فقط ملك الملك وكانت عدة أحياء ولاسيما ما بني منها خارج السور من الأرباض مبنية في أملاك الأديار التي كانت بادئ ذي بدء بنيت في القرى مثل سان جرمان دي برى (بالقرب من برى أو كلرك الذي كان يمتد إلى شاطئ السين) سان مرتان دي شان وسان جنيفيف وليس الملك هو السيد في هذه الأحياء بل رئيس الدير وله الحق لا أن يتقاضى كراء البيوت التي بنيت في أملاكه بل أن ينظر في محكمته في قضايا السكان والجرائم المرتكبة في حيه أجمع.
وبعد فما كانت باريز جسماً واحداً حتى أن شطرها الذي هو ملك خاص للملك يكن منظماً تنظيم المديريات كما كانت كثير من المدن الصغرى (مثل أمين وسواسون وبوفى وغيرها) وليس لباريز سجل مديرية ولا شيخ بلد ولا مراقب بل كان العملة الذين يعملون عملاً واحداً والتجار الذين يتجرون بنصف واحد في باريز وفي غيرها من المدن يجتمعون اجتماعات لكل منها نظامه وصندوقه وزعماؤه. وكانت أقوى النقابات في باريز نقابة تجار الماء أي النواخذة مجزي المراكب الذين كانوا يتجرون عَلَى السفن في نهر السين ولهم زعيمهم وسموه أمين التجار (شاهبندر) ومجلس إدارة مشايخ البلد وما لبث أمين التجار