انتهت إلينا من طريق أهل الصليب في فلسطين أو من طريق التجار الإيطاليين أو الحرب في صقلية أو من المغاربة في أسبانيا ولكن يمكن تقدير الحساب بما نحن مدينون به للعرب وهذا الحساب يطول شرحه.
فقد أتانا من العرب (أولاً) الحنطة السوداء والهليون والقنب والكتان والتوت والزعفران والأرز والنخيل والليمون والبرتقال والبن والقطن وقصب السكر التي أصبحت من أهم زراعات أميركا (ثانياً) معظم صناعاتنا في التزين مثل الأقمشة الدمشقية القطنية والسختيان وأقمشة الحرير المزركشة بالذهب أو الفضة والشاش الموصلي والشفوف (البرنجك) والصندل والحبر والمخمل الذي زيد إتقانه في إيطاليا بعد حين والزجاج والمرايا التي قلدوا في البندقية والورق والسكر وعمل الحلويات والمشروبات (ثالثاً) مبادئ كثير من علومنا كالجبر وحساب المثلثات والكيمياء والأرقام العربية التي اقتبسها العرب من الهنود فسهل بها الحساب مهما كان صعباً. دع عنك السحر وعمل التعاويذ التي اعتقد فيها الإيطاليون إلى يوم الناس هذا وحجر الفلاسفة الذي كان بعض أمراء الألمان يبذلون من مالهم للبحث عنه حتى القرن السابع عشر وذلك بواسطة صناع الذهب أو الكيماويين.
ولقد جمعت العرب وقربت جميع الاختراعات والمعارف المأثورة عن العالم القديم في الشرق (كيونان وفارس والهند بل والصين) وهم الذين نقلوها إلينا ودخلت كثير من الألفاظ العربية في لغاتنا وهي تشهد بما نقلناه عنهم. وبواسطة العرب دل العالم الغربي الذي أصبح بربرياً في غمار المدنية فإذا كان لأفكارنا وصناعتنا ارتباط بالقديم فإن جماع الاختراعات التي تجعل الحياة سهلة لطيفة قد جائنا من العرب.
تأثير الحروب الصليبية في المعتقدات - أثر الاحتكاك بالشرق في الأفكار الدينية بين المسيحيين أيضاً فقد تحمسوا أولاً للنزال والطعان ولما شاهدوا المسلمين عن أمم رأوا بينهم رجالاً أشداء منورين كرماء أمثال صلاح الدين الذي أخلى سبيل أسرى المسيحيين بدون فدية وبعث بطبيبه إلى أحد زعماء الصليبيين وقد مرض ليداويه فبدأ المسيحيون يحترمون المسلمين وإذ أراد الصليبيون أن يثبتوا فضائل الديانة المسيحية للمسلمين واليهود تناقشوا بينهم فاضطرتهم المناقشة أن يقابلوا بين الأديان الثلاثة ومن هذه المقابلة استنتج بعضهم أن الأديان الثلاثة باطلة إذ أن كل واحد منها يدعي أنها حقيقية وما عداها باطل فقالوا أنه لو