ثبت لأحد الباحثين في هواء المدن العظمى أن ميزان الحرارة الترمومتر يعلو علواً متوسطاً في المحال التي تجتمع فيها البنايات بكثرة وقد أخذ معدل الحرارة في لندن وبرلين وباريس وقاسه بحرارة ضواحي تلك المدن فكانت في الغالب أنقص في الأرياف منها في المدن درجتين أو ثلاث درجات. وأكد الشيوخ من الإنكليز أن البرد في إنكلترا لا يقرس الآن كما كان يقرس منذ خمسين سنة وعلل ذلك أصحاب الشأن بأنه كان هناك مستنقعات جففت فانقطعت الرطوبة وكان الشتاء قديماً يبدأ في إنكلترا في شهر ديسمبر (كانون الأول) بل وفي نوفمبر (تشرين الثاني) أما الآن فتصل إلى يناير (شباط) وقد خلصت من البرد. إذا عرفت هذا فإنه يسوغ لك أن تقول بأن هواء سيبيريا الجليدي سينقلب عما قريب. ومعلوم أن درجة الحرارة في فرخويانسك وهو أبرد مكان في الأرض من ولاية اياكوستك يبلغ معدل الحرارة فيه في الشتاء 61. 9 تحت الصفر ثم أن لقطع الغابات دخلاً في تغيير الهواء فإن قطع الأشجار من الغابات التي لم تقطع منها من قبل شجرة قد أحدث في أميركا أسوأ التأثير في الزراعة التي كانت تلك الأشجار في الحقيقة بمثابة واق لها من بوائق الجو.
قوى الأمم
كتب أحدهم في المجلة الاستعمارية النيابية مقالاً جاء فيه أن ما يتنبأ به العالم من ظفر أمة على أمة يكون تخرصاً فلا يصدق فأل المتفائل ولا حدس الحادس من ذلك أن اليابان وكانت سنة 1894 أربعين مليوناً قد دحرت جيش ابن السماء وكان عدد الصينيين إذ ذاك 360 مليوناً وها أن جمهوريتي الأورانج والترانسفال ولم يكن فيهما أربعمائة ألف نسمة ولا جيش دائم قد تغلبا على الجيش الإنكليزي وقهرا إنكلترا ذات الحول والطول وضخامة الملك والسلطان وكان من اليابان أن غلبت الجيش الروسي وهو جيش القياصرة الجرار. قال الكاتب وإنا لنجهل مع هذا تقدير قوى الممالك الجندية على وجه التقريب وكل أمة لا تكون قوية بدون تنمية الشهامة الطبيعية وتعويد أفرادها النظام في العمل واقباسها قبس التهذيب والتعليم والتثقيف هيهات أن تعد من القوة في شيءٍ فقد كان لروسيا مورد عظيم للرجال ولكن كان ينقصها التمدن ويكفي أن العمل بين سكانها كان غير مكرم على الجملة وأن الأمة في روسيا لتضطر أن تنقطع عن العمل في السنة 135 يوماً في أعياد بطالة.