والدوقات والملوك فبين الفرسان إذاً كثير من كبار أرباب الأملاك وقد نالوا من الملك أملاكاً عظيمة عَلَى سبيل الهبة أو ورثوها من آبائهم وتكون هذه الأملاك عَلَى الأقل قرية برمتها وفي الأعم الأغلب أن تكون عدة قرى. ويدعى هؤلاء المالكون العظام بحسب البلاد فمعنى البارونات الرجال ومعنى سير أو سنيور السادة أو الأغنياء ويلقب نساؤهم بدام أي سيدة. وإذا كان أولئك السادة الأغنياء فهم في حل من أن يأخذوا في خدمتهم فرساناً آخرين ويذهبوا إلى الحرب في رأس جيش صغير واصطلحوا عَلَى اتخاذ علم لهم يجتمعون تحته فيضم من شلهم ولذلك سمو العلميين
العطايا والإقطاعات - اعتاد المقاتلة البرابرة منذ عهد شارلمان أن يقسموا بالزعيم الذي يقوم بالإنفاق عليهم بالإخلاص له والاستماتة دونه فالمقاتل عندما يقسمك هذا اليمين والزعيم متى قبله يكون ارتباطهم طول الحياة فكان لزعيم يدعوا المقاتل أميني أو رجلي أو مقاطعي أو عبدي وهذا يسمي زعيمه سيدي فالمقاطع يصحب سيده إلى الحرب ويخدمه حتى عَلَى المائدة فكان خادمه ورفيقه في الحرب. والسيد يؤدي إليه لقاء خدمته ما يعوله ويعطيه أسلحة وألبسة وحصاناً وأحياناً يعطيه ملكاً.
ولقد أصبحت العادة في الإفضال عَلَى المقاطعين بأراض يستثمرونها عامة في فرنسا أواخر القرن التاسع (وربما نشأ ذلك من كون رجال الحرب نادرين في البلاد الفرنسوية) فالأرض تعط لقاء أجرة إقطاعاً أو مستعمرة ثم أصبح في حكم العادة المطلقة أن طل مقاطع يتناول إقطاعاً وأنه لا سبيل إلى أن يملك المرء إقطاعاً إن لم يكن مقاطعاً لأحد أرباب الأملاك. وإذا مات الإقطاعي يحق لابنه أن يخلفه وهكذا يتولى الفرسان أباً عن جد شؤون إقطاعاتهم فيغدون مستقلين عن سادتهم إلا قليلاً ثم أن السادة أقسموا لساداةٍ أعلى منهم بأن أملاكهم نالوها منهم عَلَى سبيل الإقطاع فيقسم الدوقات والكونتية للملك الذي كان يمنحهم الحكم إقطاعاً. ويكاد يكون جميع السادات سادة ومقاطعين في آن واحد والأراضي إلا قليلاً كانت تعتبر إقطاعات ومن هنا نشأ نظامها.
وهذا النظام الذي وضع في القرن العاشر قلما يشبه طرائد عهد شارلمان عَلَى أن الأسماء والاعتبارات بقيت بحالها فإن المقاطع يقسم أيضاً يميناً يرتبط بها مدى الحياة وهذا ما يدعونه العطية سموها لأنها تعل المقاطع رجل السيد وإليك الصورة الشائعة في هذا