فن الأكل
دعا غلاء الحاجيات أحد الأطباء أن كتب في المجلة جاء فيها أن المرء إذا دقق في ميزانية طعامه يستطيع أن يقتصد منها اقتصاداً محموداً بدون أدنى ضرر يلحق صحته فيتمكن بذلك من النجاة من مخالب المضاربين بالأطعمة ممن يغنمون مثل هذه الفرص في الصعود فيغالون في مضاعفة أسعارهم ويقال عَلَى الجملة أن المرء يأكل أكثر مما تقتضيه حاجته الحقيقية وإن فيه مكيلاً إلى أن يكثر من الأطعمة الغالية ثم أن فقدان التربية البيتية تدعو إلى الإسراف حيث لا يحب.
وبينا نرى الوقاد يهتم قبل كل شيء بان يعرف حق المعرفة قوة آلته المحركة وما يجب من المواد لإدارتها وما تعطيه من العمل ونرى مربي الحيوانات لا يقتصر عن درس طبيعة دوابه وما ينبغي لها من العلف وينفع أكثر في تنمية الحيوانات التي يتجربها نرى الإنسان لا يهتم بتة بوظائف أعضائه وما يجب لجسمه.
ومن الأوهام الرئيسة في التغذية أن الإنسان يقوى كلما أكثر من الطعام ولذلك ترانا نحاول الإكثار ما أمكن من الأطعمة ونحمل أبناءنا عَلَى أن يقضموا ويخضموا من الطعام زيادة عَلَى رغباتهم ونشاهد الأمهات يحتلن أنواع الحيل ليجعلن من أولادهن شرهين يتناولون كميات كثيرة من الأغذية ولا يفاخرون بهم إلا إذا تناولوا كمية من الحساء بدعوى أن هذا يكبرهن.
ومن الغريب أننا إذا التقينا برجل متعب في صحته وكثيراً ما يكون الإفراط في التغذية السبب في ذلك لا نلبث أن ننصح له أن يتناول أغذية مقوية وإنا إذا يحثنا في هذه المسألة عن أمم بنور التجربة والنظر الصحيح نرى أن الإقلاق من التغذية بكمية تقرب من الحد الوسط اللازم للأعضاء نتيقن أن من يعمل ذلك لا يضعف بل عَلَى العكس يقوى.
فد جرب أحد أطباء الدانيمرك مدة شهرين الاقتصار من الطعام عَلَى ما رخص ثمنه وكثرت تغذيته فأصبح بعد ضعفه قوياً يستطيع التصعيد في النجاد وكان من قبل عاجزاً عن ذاك فكان يتناول في الصباح جريش الشعير مطبوخاً بالماء مضافاً إليه شيءٌ من اللبن والسكر والعنب وفي المساء يأكل في العادة قطعة بالخبز بالزبدة وسلطة من البطاطة أو