مجله المقتبس (صفحة 4934)

مهادنات ومفاسخات تارة وتارة وهذا الإمام وكل من كان قبله عَلَى طريقة ما عداها وهي إمارة عربية لا كبر في صدروها ولا شمم في عرانينها وهم عَلَى مسكة من التقوى وترد بشعار الزهد يجلس في ندي قومه كواحد منهم ويتحدث فيهم ويحكم بينهم سواء عنده المشرف والشريف والقوي والضعيف وربما اشترى سلعة بيده ومشى في أسواق بلده لا يغلط الحجاب ولا يكل الأمور إلى الوزراء والحجاب يأخذ من بيت المال قدر بلغته من غير توسع ولا تكثر غير مشبع هكذا هو وكل من سلف قبله مع عدل شامل وفضل كامل اهـ.

نعم جاذب القوم الدولة العباسية كما قال العمري حتى كادوا يطيحون رداءها وكذلك فعلوا من بعد إلى عهدنا هذا وذلك شيء ناشئٌ ولا جرم من جودة هواء الجبال لأن الشدة تغرس في العادة نفوس الجبليين وما سكان الجبال من اليمانيين إلا أشبه بالإفريديين عَلَى حدود الهند وأفغانستان ولقد أوى الزيدية إلى الجبال كما أوى معظم أصحاب الدعوات إليها هكذا فعل الإسماعيلية والنصيرية فأووا إلى جبل اللكام والدروز إلى جبل الشوف والجبل الأعَلَى وجبال صفد وجبال حوران والشيعة المتاولة إلى جبل عامل وجبال بعلبك ولبنان من أرض الشام.

قال بعضهم صعدة مملكتها تلو مملكة صنعاء وهي في شرقيها وفي هذه المملكة ثلاث قواعد صعدة وجبل قطابة وحصن تلا وحصون أخرى وتعرف كلها ببني الرس وأما حصن تلا فمنه كان ظهور الموطئِ الذي أعاد إمامة الزيدية لبني الرضا بعد أن استولى عليها بنو سليمان فأوى إلى جبل قطابة ثم بايعوا لأحمد الموطئ سنة خمس وأربعين وستمائة.

وقال ابن فضل الله أيضاً في الزيدية: وأما الزيدية فهم أقرب القوم إلى القصد الأمم وقولهم أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما أئمة عدل وأن ولايتهما كانت لما اقتضته المصلحة مع أن علياً رضي الله عنه أفضل منهما ويرون جواز ولاية المفضول عَلَى الفاضل في بعض الأحيان لما تقتضيه المصلحة أو لخوف الفتنة ولهذه الطائفة إمام باق إلى الآن باليمن وصنعاء داره وأمراء مكة المعظمة منهم وحدثني الشريف مبارك بن الأمير عطيفة بن أبي نمي أنهم لا يدينون إلا بطاعة ذلك الإمام ولا يرون إلا أنهم نوابه وغنما يتوقون صاحب مصر لخوفهم منه والإقطاع (؟) وصاحب اليمن لمداراته لواصل المكارم ورسوم وكانت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015