والأمر الغريب أن الحومة لم تنقدها المبلغ من مال الخزينة بل من ريع ملاك بسرابيا التي تديرها الحكومة ووفت الجمعية بوعدها. لكن الحرب اليابانية قللت من مداخيل الإحسان فلم تعد تستطيع وفاء دينها فاجلته إلى سنتين ثم إلى ثلاث واخيراً اضطرت إلى عدم الاحتفاظ بكل المعاهد التهذيبية والخيرية التي أنشأتها وصرحت للحكومة بأنها تضطر والحالة هذه إلى حصر أعمالها في دائرة ضيقة فتهدم ما بنته في سنين عديدة. فارسلت الحكومة مفتشين إلى سورية وفلسطين فحصواأعمال الجمعية وشهدوا بما تؤديه من المنافع الجمة للزوار الروسيين وللمدارس الأرثوذكسية فتقرر إيجاد مبلغ يدخل بصورة قانونية إلى نظارة الخارجية فتنفقه الجمعية عَلَى تحسين المدارس في سورية وفلسطين بحيث تفي باحتياجات الأهلين نظير المدارس الأوربية في هذه البلاد. ومن هنا نستنتج أن الجمعية الفلسطينية الروسية أنشأت معاهدها في هذه البلاد دون أن تساعدها الحكومة بشيءٍ بعكس ما رأيناه في أمر المدارس الأوربية الأخرى. وأنها لم تحصل عَلَى الوعد بالمساعدة المنظمة القانونية إلا بعد مضي 39 سنة عَلَى تأسيسها.
هذا شيءٌ عن حالة أوربا في سورية بسطته للقارئ وله أن يستنتج ما عسى أن يكون مستقبل هذا الوطن المحبوب إذا لم تبادر الحكومة إلى إزالة كل ما من شأنه حمل الدول الأوربية عَلَى التدخل في شؤوننا. وما هي إلا فاعلة ذلك عن شاء المولى الكريم وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وطني