مجله المقتبس (صفحة 4842)

ومحافد اليمن وقصورها القديمة التي ذكرتها العرب في الشعر والمثل كثيرة فأولها وأقدمها غمدان ثم تلغم وناعط وصروح وسحين بمأرب وظفار وهكر وضهر وشباء وغيمان وبيون وريام وبراقش ومعين وروثان وأرياب وهند وهنيدة وعمران والنجير بحضرموت.

وغمدان قصر عجيب قد بني ثلاثة أوجه ووجه بالجروب الأبيض ووجه بالجروب الأصفر ووجه بالجروب الأحمر ووجه بالجروب الأخضر ولجروب الحجارة وابتني في داخله عَلَى ما التقن من أساسه قصراً عَلَى سبعة سقوف بين كل سقفين أربعون ذراعاً وسقفه من رخامة واحدة وجعل عَلَى ركن تمثال أسد من شبه كعظم ما يون من الأسد فكانت الريح إذا هبت من ناحية تمثال من تلك التماثيل دخلت جوفه من دبره ثم خرجت من فيه فيسمع له زئير كزئير الأسد وكان يأمر بالمصابيح فتسر في بيوت الرخام إلى الصبح فكأن القصر يلمع من ظاهره كلمع البرق فإذا أشرف الإنسان ليلاً قال أرى بصنعاء برقاً شديداً أو مراً كثيراً ولا يعلم أن ذلك من ضوء السرج فكان كذلك حتى أحرق.

قال ياقوت أن غمدان كان حصن كان ينزله الملك الذي يكون عَلَى اليمن وكان أعجمياً فلما ملكت الحبشة اليمن أخربته إلا بقايا هدمها عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه في الإسلام وقال ينبغي لمآثر الجاهلية أن تمحى وأن في الحصن مصنعة عليها قبة منطلق. وفيها يقول خلف الأحمر

ومصنعة الطلق أودى بها ... عوادي الأحاديش بالصيدن

وفيها يقول قدامة حكيم المشرق وكان صاحب كيمياء

فارقد فيها نارة ولو أنها ... أقامت كعمر الدهر لم تنضرم

لأن الطلق لو أوقد عليه ألف عام لم يسخن وبه يتطلى النفاطون إذا أرادوا الدخول في النار.

وبنى أبرهة بن الصباح بصنعاء القيلسة وهي كنيسة بناها لصاحب الحبشة لم ير الناس أحسن منها ونقشها بالذهب والفضة والزجاج والفسيفساء وألوان الأصباغ وصنوف الجواهر وجعل خشباً له رؤُوس كرؤُوس الناس ولكنها بأنواع الأصباغ وجعل لخارج القبة برنساً فإذا أن يوم عيدها كشف البرنس عنها فيتلألأ رخامها مع ألوان أصباغها حتى تكاد تلم البصر وسماها القليس (بضم القاف وتشديد اللام).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015