كرهت حمير وقبائل اليمن السير معه وأرادوا الرجعة إلى بلادهم وأهليهم فكلموا أخاه أن يقتله ليخلفوه عليهم فقتله ومرج أمر حمير عند ذلك تفرقوا فوثب عليهم رجل من حمير لم يكن من بيوت المملكة منهم يقال لخيعة ينوف ذو شناتر فملكهم وقتل خيارهم وعبث ببيوت أهل المملكة فقال قائل من حمير يذكر ما ضيعت حمير في أمرها وفرقت جماعتها ونفت من خيارها
تقتل ابناها وتنفي سراتها ... وتبني بأيديهم لها الذل حمير
تدمر دنياها بطيش حلومها ... وما ضيعت من دينها فهو أكثر
كذاك القرون قبل ذاك بظلمها ... وإسرافها تأتي الشرور فتخسر
ثم تهودت حمير وكان بنجران بقايا من أهل دين عيسى عَلَى الإنجيل أهل فضل واستقامة لهم من أهل دينهم رأس يقال له عبد الله بن تامر وكان موقع أصل ذلك الين بنجران وهي بأوسط أرض العرب في ذلك الزمان وأهلها وسائر العرب كلها أهل أوثان يعبدونها ثم أن رجلاً من بقايا أهل ذلك الدين وقع بين أظهرهم يقال له فيميون فحملهم عليه فدانوا به قال هشام زرعة ذو نواس فلما تهود سمي يوسف وهو الذي خد الأخدود بنجران وقتل النصارى وكانوا قريباً من عشرين ألفاً افلت منهم رجل وقدم عَلَى ملك الحبشة فأعلمه ما ركبوا به وأتاه بالإنجيل قد أحرقت النار بعضه فانجده برجال كما بعث إلى قيصر أن ينجده بالسفن والأخدود هو المذكور في القرآن قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود فجاء جيش النجاشي ورأسه أرياط فقتل ثلث اليمن وأخرب ثلث بلادها وبعث إلى النجاشي بثلث سباياها وقد أخرب مع ما أخرب من ارض اليمن سلحين وبينون وغمدان حصوناً لم يكم في الناس مثلها فقال:
هونك ليس يرد الدمع ما فاتا ... لا تهلكي أسفاً في ذكر ماتا
أبعد بينون لا عين ولا أثر ... وبعد سلحين يبني الناس أبياتاً
وقد ساق أبو الفرج الأصفهاني كيفية مقتل حسان بن تبع عَلَى يد عمرو أخيه وكيف تشتت أمر حمير حين قتل أشرافها والتفت عليه حتى وثب عَلَى عمرو خيعة تنوف ولم يكن من أهل بيت المملكة فقتله واستولى عَلَى ملكه وكان يقال له ذو شناتر الحميري وكيف نشأ زرعة ذو نواس وكانت له ذؤابة وبه سمي ذا نواس وهو الذي تهود وتسمى يوسف كما مر